الزاوية الكمشخانوية / الزاوية الكمشخانوية

(أحمد ضياء الدين الكُمُشخانَوي (رحمه الله تعالى

وبالرغم من أن المصادر التي بين أيدينا تذكر أن عدد الذين منحهم الكُمُشخانَوي الخلافة يبلغ (116) شخصاً( ) إلا أننا نعتقد أن العدد أكبر من ذلك، فقد ورد في المصادر أنَّ الكُمُشخانَوي الذي وصل عدد مريديه إلى المليون أو زاد عنه كان يرسل الخلفاء إلى العديد من الأمصار على رأسها البَلْقان، والقوقاز، وقازان، والشام، وبغداد، والحجاز، ومصر، والصين، وجزر القُمر، فأسهم بذلك في انتشار الإسلام، والطريقة النّقشبنديّة الخالديّة في رقعة واسعة من الأرض، وقدّم خدمة كونيّة للإنسانيّة( ).

القراءة بلغة أخرى

وُلِد الشيخ أحمد ضياء الدين أفندي الذي يمثّل الحلقة الثانية والثلاثين للطريقة النقشبندية في حيّ الأمراء بكُمشخانة سنة (1813) للميلاد.

وقد عُرف عنه اهتمامه الشديد بالعلم، وارتباطه بمعتقد أهل السّنة، واعتماده في فكره على القرآن الكريم، وفهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، المُبَيِّن لمعاني القرآن، ودأبه على العمل بما جاء في السنة، وتنزُّهُه عن البدع.

اسم والده: مصطفى، واسم جده: عبد الرحمن أفندي، وقد اشتهر باسم أحمد ضياء الدين الكُمُشخانَوي نسبة إلى المكان الذي وُلد فيه([1]).

تذكر المصادر: أنه أتمَّ حفظ القرآن الكريم في سن الخامسة، وأنه ختم "القصائد"، و"دلائل الخيرات"، و"الحزب الأعظم" في سن الثامنة، وحصل فيها على إجازات([2]).

وفي سنة (1822) انتقلت عائلته إلى طرابزون بغرض التجارة، وتلقَّى فيها دروساً في الفقه والنحو والصرف على عدد من علمائها، من أمثال الشيخ عثمان أفندي، والشيخ خليل الساعدي، حيث إنه لم يرد رغبة والده في الاشتغال بالتجارة، وعمل في صنع الأكياس وبيعها إلى جانب سعيه في طلب العلم([3]).

في سنة (1831) جاء إلى إسطنبول مع عمّه لغرض التجارة، وبما أن أخاه عاد من العسكرية، وتعلم أساسيات العمل مع والده لمساعدته، فقد بدأ الشيخ بتحصيل العلم في إسطنبول، ولم يعد إلى طرابزون، حيث تلقى دروساً في مدرستي "بايزيد" و"محمود باشا" على يد علماء عصره المعروفين من أمثال محمد أمين أفندي، وعبد الرحمان الخربوتي.

وتذكُر المصادر: أن الكُمُشخانَوي الذي أخذ علوم الظاهر على أيدي علماء القصر السلطاني بدأ في تدريس زملائه وكالةً عن شيوخه قبل حصوله على الإجازة([4]).

وفي سنة (1844م) على إثر ما يقارب الثلاث عشرة سنة من التحصيل العلمي كان قد حصل على إجازات في جميع الدروس، وقد بلغ عمره حينها الواحد والثلاثين عاماً([5]).

بعد حصوله على الإجازة بدأ الكُمُشخانَوي التدريسَ في مدرستَي بايزيد ومحمود باشا، لكنه ظلّ منشغلاً بالبحث عن مرشد كامل([6]) إلى أن تعرَّف سنة (1845) في إحدى المجالس على عبد الفتاح البغدادي العكري (ت: 1281 = 1864) المعروف بـ"مفتي طرابلس الشام"، وأحد الخلفاء المشهورين لمولانا خليل البغدادي، فطلب منه الانتساب إليه، غير أن العكري أخبره بأن هناك من كُلِّف بالقيام بتلك الوظيفة، وأنَّ عليه انتظار قدومه.

وبعد تلك الواقعة وبلطف إلهيّ قدِم الشّيخ الخالديّ أحمد بن سليمان الأروادي إلى إسطنبول استجابةً لأمر معنوي من مولانا خالد البغدادي، والتقى بالكُمُشخانَوي في تكيّة "منارة ألجه" حيث انتسب إليه هناك، ثم استضافه بعد ذلك في غرفة بمدرسة محمود باشا، ودخل في خلوة بأمر منه.

بعد ذلك اختفى الأروادي عن الأنظار لمدّة من الزّمن، فأثَّر ذلك في الكُمُشخانَوي على مثل ما تأثَّر مولانا جلال الدين بفراق الشمس التبريزي.

وبعد غيابٍ دام سنة كاملة عاد الأروادي سنة (1846م)، وألقى دروساً في الحديث بجامع آيا صوفيا، فحضر الكُمُشخانَوي تلك الدروس، ومنحَه الأرواديُّ إجازة عامة في كل العلوم التي تلقاها عن شيوخه مثل الفقه، والحديث، والتفسير، والتصوُّف، وغيره([7]).

وفي سنة (1848م) دخل الكُمُشخانَوي في خلوة مرة أخرى مع شيخه الأروادي، منحه على إثرها الخلافةَ من طُرق النقشبندية، والقادرية، والسّهرورديّة، والجشتيّة، والكبرويّة، والخالديّة، والخلوتيّة، والبدويّة، والرفاعيّة، والشاذليّة، والمجدّديّة([8]).

وبعد انتهاء الوظيفة التي جاء لأجلها إلى إسطنبول وتربيته للكُمُشخانَوي استجابةً للإشارة المعنوية من شيخه مولانا خالد البغدادي عاد الأروادي إلى طرابلس الشام بعد أن أوصى الكُمُشخانَوي باتباع عبد الفتاح العكري بوصفه شيخاً جليساً([9]).

مع مرور الزمن أخذت حلقة الشيخ أحمد ضياء الدين أفندي في الاتساع، وبدأ في نشر الطريقة بناء على الخلافة التي حصل عليها من شيخه سليمان الأروادي إلى جانب انشغاله بالتأليف في نفس الوقت، فقد ألَّف بين عامي (1848 - 1875) اثنين وخمسين مؤلَّفًا باللغة العربية في الفقه، والعقائد، والحديث، والكلام، والتصوّف، والأخلاق، ومنح إجازات لمن أقرأ في دروسه من طلّابه، ولمن أظهرَ نباهةً منهم([10]).

كان الكُمُشخانَوي يقوم بتسيير أعمال التدريس، والتأليف، والإرشاد بغرفته الخاصة في مدرسة محمود باشا، ومع ازدياد عدد التلاميذ والمريدين احتاج إلى مكان أكثر اتساعاً، فاتخذ من مسجد السلطانة فاطمة المهجور تكيّة له سنة (1859م)، وهو مسجد كانت قد أنشأته السلطانة فاطمة ابنة السلطان أحمد الثالث، غير أنه صار شبه مهجور، ولم تكن تُقام فيه سوى صلاتي الظهر والعصر بحلول منتصف القرن التاسع عشر.

وبطلب من صديق الشيخ المقرَّب، ومريده حسن حلمي أفندي بالقيام بوظيفة المؤذن تطوّعاً أصبحت الصلاة تُقام في المسجد في الأوقات الخمسة من جديد، ثم تحول إلى "توحيد خانة" بعد أن اتخذه الدراويش مقرّاً لإقامة حلقة الذكر بشكل دوري؛ ليكتسب صفة التكيّة بشكل فعليّ.

وفي سنة (1875م) تمت إضافة قسمي "حرم" و"سلاملك" إلى مبنى جامع السلطانة فاطمة المقابل للباب العالي، فصار بناؤه مناسباً للمقتضيات المعمارية لتكية صوفية، وصار يُعرف بعد ذلك بـ"تكيّة الكُمُشخانَوي"، وتكية السلطانة فاطمة"، وتكية الخالدي".

خُصّص قسم "التوحيد خانة" من المبنى لإقامة الصلوات الخمس، والتدريس، والقيام بالأذكار الجماعية كل أسبوع، وفي الأيام والليالي المباركة.

أما قسم "الحرم" فخُصِّص لإقامة الشيخ وأفراد عائلته، في حين احتوى قسم "السّلاملك" على مكتبة وغُرفٍ للخلوة([11]).

وتذكر المصادر: أن كلّا من السلطان عبد المجيد، والسلطان عبد العزيز، والسلطان عبد الحميد الثاني كانوا يحضرون أحياناً مجالس الكُمُشخانَوي، وأن علاقة وطيدةً كانت تجمع الشيخ بالسلطان عبد الحميد خان([12]).

سنة (1863) خرج الكُمُشخانَوي للحجّ على متن سفينة خُصّصت له من جهة القصر الملكي([13])، ويحتوي الأرشيف العثماني لرئاسة الوزراء على وثيقة تعود إلى سنة (1862) تشير إلى هذه الواقعة، وانطلاقاً من صدور الوثيقة تبدأ تحضيرات الحجّ قبل أشهر من موعده، ولعدم تخصيص سُفن للجميع تتبيّن لنا أهمية الوثيقة في إبراز الاحترام الذي يلقاه الكُمُشخانَوي، وتدوين ذلك في قيود الدولة([14]).

سنة (1877) تزوج من ابنة محمد أمين باشا حواء سحر خانم، ثم ذهب بعدها من طريق طرابزون إلى مدينة "باتوم"؛ ليلتحق برفقة طلبته بالحرب الدائرة بين العثمانيين والروس سنة (1877 – 1878م) والتي باتت تعرف بحرب (93).

وأثناء وجوده بالجبهة قام بتحفيز العساكر، ودعمهم معنوياً دون الابتعاد عن ميدان العلم والإرشاد، وعندما خفَّت وتيرة الحرب في فترةٍ ما استغلَّ الكُمُشخانَوي الأمر، وذهب في شهر رمضان إلى مدينة "أوف" حيث ألقى دروساً في الحديث، وأقرأ ما يزيد عن (280) طالباً كتاب "راموز الأحاديث"، وأدخل كثيراً من الناس في خَلْوة، ثم أعطاهم الخلافة([15]).

ثم عاد إلى إسطنبول بعد الحرب، وفي السنة التالية وَكَّلَ حسن حلمي أفندي على تكيّة السلطانة فاطمة المعروفة بـ" تكية الكُمُشخانَوي"، وسافر إلى الحجاز مع عائلته، حيث ألقى دروساً في الحديث في كُلّ من المدينة المنوّرة، ومكة المكرّمة.

وعلى إثر الحج انتقل بعائلته إلى مصر، وأقاموا فيها ثلاث سنوات، فألقى بها دروساً في الحديث أيضاً، وأجاز كثيراً من الطلبة، وأعطى الخلافة لخمسة أشخاص من الطلبة العرب([16])، وعند عودته من مصر إلى إسطنبول واصل اشتغاله بالتدريس والإرشاد.

يولي المُحدّث الكبير الشيخ الكُمُشخانَوي أهمية بالغة لتعليم العلوم الدينية، والالتزام بالسّنة، والابتعاد عن البدع، ويرى بأن الاشتغال بعلم الحديث في تكيّته جزء لا يتجزّأ من طريقته، فقد كان يُقرئ كتابه "راموز الحديث" الذي قام بتأليفه بنفسه، وتربّى على يديه آلاف الطلبة، فتحوَّلت تكيَّتُه إلى دار للحديث، ووقفت في وجه الانحطاط الذي شهدته بقيّة التّكايا في ذلك الوقت، كما كان لها يدٌ في تقليص الخلافات الفكرية بين العلماء والمشايخ من خلال دور الوساطة الذي لعبته([17]).

ومن خلال ملازمة كثير من رجال الدولة والعلماء لدروسه، وحضور كثير من مقرِّري ومُخاطَبي دروس الحُضور لمجالسه العلمية، إلى جانب ترقيته إلى منصب مدرّس الحديث والخلافيّات بمدرسة دار الخلافة العَليّة، يتبيّن حجم التأثير الذي يتمتع به هذا العالم([18]).

وبالرغم من أن المصادر التي بين أيدينا تذكر أن عدد الذين منحهم الكُمُشخانَوي الخلافة يبلغ (116) شخصاً([19]) إلا أننا نعتقد أن العدد أكبر من ذلك، فقد ورد في المصادر أنَّ الكُمُشخانَوي الذي وصل عدد مريديه إلى المليون أو زاد عنه كان يرسل الخلفاء إلى العديد من الأمصار على رأسها البَلْقان، والقوقاز، وقازان، والشام، وبغداد، والحجاز، ومصر، والصين، وجزر القُمر، فأسهم بذلك في انتشار الإسلام، والطريقة النّقشبنديّة الخالديّة في رقعة واسعة من الأرض، وقدّم خدمة كونيّة للإنسانيّة([20]).

ومن بين هؤلاء الخلفاء يمكن أن نذكر: حسن حلمي أفندي القسطموني، إسماعيل نجاتي أفندي الصفرانبولي، عمر ضياء الدين أفندي الداغستاني، مصطفى فيضي أفندي التكيرداغي، محمد أشرف أفندي اللولبوركازي، الحافظ أحمد ضياء الدين أفندي، زين الله القازاني، حسن حلمي بن علي الكوثري، يوسف بحري أفندي الأونيلي، حسن ضياء الدين أفندي الناليخاني، الحافظ أسعد أفندي الطرابزوني، ومجتبى أفندي القرمي([21]).

كل هؤلاء الخلفاء الذين أجازهم الكُمُشخانَوي صاروا من المشتغلين بالعلم والإرشاد، وتربّى على أيديهم العديد من الطلبة.

ومن الأمثلة عن هؤلاء نذكر: محمد زاهد الكوثري المشهور، أحد علماء المرحلة العثمانية الأخيرة، الذي تلقى تعليمه الأوليّ على يد والده حسن حلمي بن علي الكوثري، ثم أخذ درس الطريقة عن الشيخ حسن حلمي أفندي القسطموني الذي تولى منصب (شيخ الطريقة) بعد الشيخ الكُمُشخانَوي، كما تولى التدريس في أهم المدارس العثمانية، وحاز على عُضويّة مجلس الوكالة لدروس مشيخة الإسلام قبل أن يتم تعيينه في منصب وكيل شيخ الإسلام.

سافر ـ الكوثري ـ إلى مصر سنة (1922) حيث واصل أعماله العلميّة، وتربّى على يديه الكثير من الطلبة، وألّف العديد من المُصنّفات في التصوّف، والحديث، والفقه، والكلام، فحاز على تقدير كبير من خلال مؤلّفاته، ومشاركاته العلمية، وصار من العلماء المشهورين في العالم الإسلامي الذين أُلّفت حول حياتهم ومصنّفاتهم العديدُ من الرسائل الجامعية([22]).

أما الشيخ عثمان نيازي أفندي صاحب الفضل في انتشار النّقشبنديّة في منطقة البحر الأسود، الذي أنشأ تكيّة في موطنه "كونايجه" الواقعة في "ريزه"، والذي تولى منصبَي مفتّش ومتولّي مكتبات الكُمُشخانَوي الوقفية، فقد خرّج عدداً من العلماء أمثال حجي فرشاد أفندي، وحجي إلياس أفندي، وحجي أحمد أفندي([23]).

ومنهم الشيخ يوسف شوقي أفندي الأوفي (ت: 1321هـ = 1904م) الذي سافر بعد حصوله على الخلافة في التكيّة الكُمُشخانَوية إلى كلّ من مكة، والمدينة، ومصر، والموصل، ونشر الضيائيّة بها، وتربّى على يديه العديد من الطّلبة([24]).

أمّا المدرّس فرشاد أفندي (ت: 1929م) فقد أخذ درس الطريقة عن يوسف شوقي أفندي، وتزوج من ابنته، كما شغل منصب متولّي المكتبات التي أنشأها الكُمُشخانَوي في "أوف"، و"ريزه"، و"بايبورت"، وقد كان لهذا العالم دور مهمّ في نشر النقشبنديّة الخالديّة في منطقة البحر الأسود([25]).

ومنهم أيضاً الشيخ زين الله رسول إيف الذي تعلم أصول النقشبنديّة الخالديّة على يد الكُمُشخانَوي، ثم عاد إلى مسقط رأسه بمدينة "ترويتسك"، وأنشأ بها كلّيّة تحتوي على مدرسة، مطعم للفقراء، ومسجد، ومكتبة، فصارت تُعرف بعد ذلك بالمدرسة الرسوليّة، وحازت على شهرة بوصفها واحدة من أشهر مؤسسات التعليم للمسلمين القاطنين بالمناطق الخاضعة للحكم الروسي، وتُقدّم هذه المدرسة تعليماً يضمُّ إلى جانب العلوم الدينيّة علومًا تجريبية متنوعة، ويقوم الطلبة المتخرجون من هذه المدرسة بالانتقال إلى مناطق مختلفة من روسيا بوصفهم أئمّة ومدرّسين ومعلّمين، حيث يلعبون دوراً مهمّاً في نشر الإسلام، والطريقة النّقشبنديّة([26]).

تمكّن الشيخ الكُمُشخانَوي من شراء مطبعة كبيرة لتكيّته بمساعدة من مريديه، وقام بطباعة المؤلّفات العلمية وتوزيعها مجّاناً في أماكن متفرّقة من العالم الإسلامي، كما بذل جهداً كبيراً في نشر العلم من خلال إنشاء مكتبات تحتوي على ثمانية عشر ألف كتاب في "بايبورت"، و"ريزه"، و"أوف" إلى جانب المكتبة التي أسسها في تكيَّته([27]).

مع بداية ظهور البنوك في ذلك الزمن، ولمنع تعامل الناس معها، وما ينجرُّ عنه من تعامل ربوي، أنشأ الكُمُشخانَوي صندوق مساعدات في تكيّته أشبه ما يكون بصندوق الطوارئ حيث تُجمع المدّخرات المتأتِّية من مُقتصدات البيوت، وأماكن العمل، بهدف إقراض المحتاجين من المريدين بصيغة "القرض الحسن"([28]).

تصف المصادر الشيخ الكُمُشخانَوي بأنه متوسط القامة، قريب من الطول، أبيض الوجه، سويّ الأنف، عريض الجبهة، أسود العينين، طويل الأهداب، أبيض اللحية، وتحت عينه اليمنى شامة سوداء.

كان يلفُّ على رأسه قلنسوة النقشبندية، وعمامة بيضاء، ويلبس جبّة، وثوباً وعباءة طويلة، وكان يفضّل الأبيض من اللباس في الصيف، والأخضر في الشتاء([29]).

في نهايات عمره أصيب الشيخ الكُمُشخانَوي بالمرض، ولازم الفراش عندما اشتد عليه، وذُكر أنه لم يأكل شيئاً، ولم يشرب، ولم يتكلّم أبداً.

كما نقلت المصادر أنَّه أثناء مرضه كان كلَّما مال على جنبه الأيمن فتح عينيه فجأة قائلاً: "أريدهم كلّهم يا كبرياء"، ثم يغلقهما، وأنه فارق الحياة يوم الأحد حوالي الساعة العاشرة([30]).

توفّي أحمد ضياء الدين أفندي في الثالث عشر من مايو سنة (1893)، السابع من ذي القعدة (1311هـ)، ولقربه من السّلطان عبد الحميد الثاني أُذن بدفنه في المقبرة الشريفة لمسجد السليمانية بالقرب من تربة السلطان سليمان القانوني([31]) كما دُفنت بجواره زوجته التي توفّيت بعده سنة (1911م)([32]).

كُتب في أعلى شاهد قبر الكُمُشخانَوي هذان البيتان:

"نظر قيل چشم عبرتله مقام التجادر بو

ارنلر درگاهي باب فيوضات خدادر بو"

يُقدّم الشيخ الكُمُشخانَوي نفسه على أنّه: حنفيّ مذهباً، نقشبنديّ طريقةً، شاذليّ مشرباً([33]).

أسَّس الشُّعبة الضّيائيّة التي سُمِّيت نسبة إلى اسمه، من خلال تأثيراته، ومنهجه، ووجهة نظره التي أدخلها على فرع الخالديّة من الطريقة النّقشبنديّة.

على إثر وفاته تولَّى المشيخةَ الشيخ حسن حلمي أفندي القسطموني.

وإلى حين صدور قرار غلق التّكايا سنة (1925م) تولّى مشيخة التكيّة الكُمُشخانَوية عدد من المشايخ هم على التوالي: أحمد ضياء الدين أفندي (1859-1893م)، حسن حلمي أفندي القسطموني (1893-1911م)، إسماعيل نجاتي أفندي الصفرانبولي (1911-1919)، عمر ضياء الدين أفندي الداغستاني (1919-1921م)، ومصطفى فيضي أفندي التكيرداغلي (1921-1925م).

مؤلّفاته بالترتيب: "جامع الأصول"، "روح العارفين"، مجموعة الأحزاب"، "راموز الحديث"، "لوامع العقول"، "غرائب الأحاديث"، "لطائف الحكم"، "حديث أربعين"، "نجاة الغافلين"، "دواء المسلمين"، "نتائج الإخلاص"، "جامع المتون"، "العابر في الأنصار والمهاجر".


([1]) "أحمد ضياء الدين الكومشخانوي، حياته، آثاره، فهمه للطريقة، والطريقة الخالدية" (Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn, Hayatı, Eserleri, Tarikat Anlayışı ve Hâlidiyye Tarikatı)، عرفان قندز (İrfan Gündüz)، İstanbul، Seha Neşriyat، 1984، (ص: 11).

([2]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي بن نعمان، إسطنبول، 1313، (ص: 17)، و"سفينة الأولياء" (Sefine-i Evliyâ)، حسين وصاف، عناية: علي يلماز ومحمد أكُّوش (haz. Ali Yılmaz & Mehmet Akkuş)، İstanbul، Seha Neşriyat، 1999، (ص: 341).

([3]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 19)، و"سفينة الأولياء" (Sefine-i Evliyâ)، وصاف (ص: 341).

([4]) "أحمد ضياء الدين الكومشخانوي" (Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn)، عرفان قندز (İrfan Gündüz) (ص: 30).

([5]) "أحمد ضياء الدين الكومشخانوي، حياته، آثاره، تأثيراته" -Ahmed Ziyâüddîn Gümüşhânevî’nin Hayatı, Eserleri ve Tesirleri, ، Gündüz ، haz. Necdet Yılmaz، İstanbul، Seha Neşriyat، 1992، (ص: 22).

([6]) "أحمد ضياء الدين الكومشخانوي، حياته، آثاره، تأثيراته" Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، Gündüz (ص: 13 - 18).

([7]) إرغام المريد (İrgamü’l-Merid)، محمد زاهد بن حسن الكوثري، القاهرة، المكتبة الأزهرية للتراث، 2000 (ص: 71)، ثبت أحمد ضياء الدين الكومشخانوي عن الأروادي، بقلم الأروادي، العلوم، الآثار، الطرق، “"İcâzetnâme (Sebet): Ahmed b. Süleyman el-Ervâdî’nin Kendi Kaleminden Ahmed Ziyâeddin-i Gümüşhânevî’ye İcâzetini Verdiği İlimler، Eserler ve Tarikatlar"، عرفات آيدين Arafat Aydın، Uluslararası Gümüşhânevî Sempozyumu، 1-2 Haziran 2013، İstanbul، Bağcılar Belediyesi ، 2014، (ص: 264-283.

([8]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 32)؛ Vassaf، Sefine-i Evliyâ، (ص: 341; Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 31-34).

([9]) Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 42).

([10]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 34).

([11]) M. Baha Tanman، "تاريخ التكية الكومشخانوية والخصائص المعمارية" “Gümüşhânevî Tekkesi’nin Tarihî ve Mimârî Özellikleri”، İlim ve Sanat، Mayıs-Temmuz 1998، (ص: 117). "الصراع الفكري من الشرق إلى الغرب، الفلسفة العثمانية والتفكير العقلي" “Ahmed Ziyâüddîn-i Gümüşhânevî”، Doğu’dan Batı’ya Düşüncenin Serüveni: Osmanlı’da Felsefe ve Aklî Düşünce, ed. Bayram Ali Çetinkaya، c. 8، (ص: 1081 - 1083).

([12]) Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 65). "سلسلة الكومشهانوي" “Gümüşhaneli Zinciri”، Süleyman Zeki Bağlan، Keşkül Dergisi، 2011، sy. 20، (ص: 37).

([13]) "سفينة الأولياء" (Sefine-i Evliyâ)، وصاف (ص: 342).

([14]) "أحمد ضياء الدين الكومشخانوي، حياته الاجتماعية ورسالته مع الخليفة" “Ahmed Ziyâeddin-i Gümüşhânevî’nin Toplumsal Hayata Yönelik Padişaha Gönderdiği Mektubu” Osman Gördebil ، Uluslarası Gümüşhânevî Sempozyumu، 1-2 Haziran 2013، İstanbul، Bağcılar Belediyesi، 2014، (ص: 224) BOA، A.MKT.NZD 382/95.

([15]) Gündüz، “Ahmed Ziyâüddîn Gümüşhânevî’nin Hayatı، Eserleri ve Tesirleri”، (ص: 32).

([16]) Vassâf، Sefine-i Evliyâ، (ص: 342).

([17]) Gündüz، “Gümüşhânevî Ahmed Ziyâeddin”، İstanbul، DİA، 1996، ط: 14، (ص: 276- 277)، "من علماء التصوف والحديث في القرن التاسع عشر"“XIX. Asır Tasavvuf ve Hâdis Âlimlerinden Gümüşhânevî Ahmed Ziyâeddin Hz.”, Keşkül Dergisi, 2011، sy. 20، (ص: 33).

([18]) Vassaf، Sefine-i Evliyâ، (ص: 345; Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 65).

([19]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 34).

([20]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 34)، و"Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 141).

([21]) Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 140-166).

([22]) Yusuf Şevki Yavuz، “Zâhid Kevserî”، İstanbul، DİA، 2013، c. 44، (ص: 77 - 78). "تأثير مجالس الكومشخانوي في نشأة زاهد الكوثري" ; Mehmet Emin Özafşar، “Muhammed Zâhid el-Kevserî’nin Yetişmesinde Gümüşhânevî Dergâhı’nın Katkısı”، İlim ve Sanat، Mayıs-Temmuz 1998، sy. 48، (ص: 98 - 95). ; Faruk Ermemiş، "فهم الخلفية التاريخية والنشأة الثقافية المحيطة للعالم القفقاسي محمد زاهد الكوثري" “Kafkas Göçmeni Düzceli İlim Adamı Muhammed Zahid Kevseri’nin Yetiştiği Sosyo-Kültürel Çevre ve Bu Çevrenin Tarihsel Arka Planını Anlama”، Düzce’de Tarih ve Kültür، ed. Ali Ertuğrul، Düzce: Düzce Belediyesi Kültür Yay.، 2014، (ص: 122 - 123).

([23]) İshak Güven Güvelioğlu، Yasemin Baki، "الثقافة الصوفية في ريزا: الطرق، التكيات، المشايخ" Rize’de Tasavvuf Kültürü: Tarikatlar، Tekkeler، Şeyhler، İstanbul، Dergâh Yayınları، 2013، (ص: 109 - 117)، " خلفاء الكومشخانوي، وتكية كونيجا في ريزا" Gümüşhanevî Halifelerinden Şeyh Osman Niyazi Efendi ve Güneyce-Rize’deki Tekkesi، İstanbul، Dergâh Yayınları، 2009, Dündar Alikılıç. "الفعاليات الدينية لأحمد ضياء الدين حول البحر الأسود"“Ahmed Ziyâüddîn Gümüşhânevî’nin Karadeniz Havâlisindeki Dinî Faaliyetleri”، I. Uluslararası Geçmişten Günümüze Trabzon’da Dini Hayat Sempozyumu، 8-10 Ekim 2015، c. II، (ص: 819).

([24]) Hür Mahmut Yücer، "يوسف شوقي الأوفلي، وآثاره في شرق البحر الأسود، ندوة الحياة الدينية في طرابزون من الماضي إلى الحاضر"“Oflu Yusuf Şevki Efendi ve Doğu Karadeniz Bölgesindeki Tesirleri”، I. Uluslararası Geçmişten Günümüze Trabzon’da Dini Hayat Sempozyumu، 8-10 Ekim 2015، c. I، (ص: 103).

([25]) Yusuf Şevki Yavuz، “Ferşad Efendi”، İstanbul، DİA، 1995، c. 12، (ص: 413-414.

([26]) Hamid Algar، "الشيخ النقشبندي الكبير: شيخ زين الله رسوليف"“Volga-Ural Bölgesinin Son Büyük Nakşibendî Şeyhi: Şeyh Zeynullah Resulev”، çev. Ethem Çebecioğlu، Ankara Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi، 1997، c. 37، sy. 1، (ص: 131- 149). ; İbrahim Maraş، “Zeynullah Resûlî”، İstanbul، DİA، 2013، c. 44، (ص: 372-373).

([27]) Gündüz، “Ahmed Ziyâüddîn Gümüşhânevî’nin Hayatı، Eserleri ve Tesirleri”، (ص: 28.

([28]) Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 50.

([29]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 46 - 49)، و" Vassâf، Sefine-i Evliyâ، (ص: 345.

([30]) "هديّة الخالدين" (Hediyyetü’l-Hâlidin)، مصطفى فوزي (ص: 60 – 61)، و"إرغام المريد"، محمد زاهد بن حسن الكوثري (ص: 99).

([31]) Gündüz، “Gümüşhânevî Ahmed Ziyâeddin”، İstanbul، DİA، 1996 (ص: 276).

 Gündüz، “Ahmed Ziyâüddîn Gümüşhânevî’nin Hayatı، Eserleri ve Tesirleri”، (ص: 60) Yılmaz، “Ahmed Ziyâüddîn-i Gümüşhânevî”، (ص: 1086).

([32]) Gündüz، Gümüşhânevî Ahmed Ziyâüddîn، (ص: 75).

([33]) "لوامع العقول" Ahmed Ziyâeddin Gümüşhânevî، Levami’ul-Ukûl، 1875، c. I، (ص: 30).

مقالة “(أحمد ضياء الدين الكُمُشخانَوي (رحمه الله تعالى”