كان حسن حلمي أفندي متوسط القامة، نيِّر الوجه، أبيض اللّحية، حنطيَّ اللّون، سويّ الأنف، أبلَجَ وعسليَّ العينين. وكان يضع على رأسه ً قلنسوة نقشبندية، وعمامة بيضاء، ويرتدي ثوباً طويلاً وعباءة.
كما درّس إلى جانب العلوم الماديّة دروس المعرفة، والأدب والأخلاق، والتربية الروحية لمئات الطلبة من أمثال محمد خلوصي أفندي، وعلى رأسهم محمد زاهد الكوثري. وتخرج على يديه 56 خليفة، يمكن أن نذكر من بينهم: أيوب صبري الأماسي، كاتب مصطفى فوزي، يوروك زاده أحمد فوزي البلواديني، علي رضا القيصري، يوسف بحري الكَيْوي.
وُلد الشيخ حسن حلمي أفندي في بلدة أزدواي بقسطموني سنة (1240هـ = 1824م)، وهو أحد شيوخ التكيّة الكُمُشخانويّة، ربّاهُ الشيخ أحمد ضياء الدين الكُمشخانوي، ووكَّله على منصبه قبل مماته، وأعطاه صلاحيّة تولّي الإرشاد.
غالباً ما يُطلق المريدون نسبة "القسطموني" على حسن حلمي أفندي الذي كان والده عبدُ الله أُمِّيّاً، ولكنّه وليّ، يُروى أنَّه ـ أي: والدَه ـ أُصيب بوعكةٍ في يوم جمعةٍ، فقال لأولاده: "غسّلوني بسرعة؛ لأنني سأجيب دعوة ربّي اليوم، أريد أن أصعد إلى جنابه وأنا نظيف طاهر"، فاستجابوا لطلبه، وبعد أدائه لصلاة الجمعة دعا أحبابه إلى منزله، واستسمحهُم جميعاً، وودَّعَهُم قبل أن يُسلم روحه.
كان حسن حلمي أفندي متوسط القامة، نيِّر الوجه، أبيض اللّحية، حنطيَّ اللّون، سويّ الأنف، أبلَجَ وعسليَّ العينين. وكان يضع على رأسه ً قلنسوة نقشبندية، وعمامة بيضاء، ويرتدي ثوباً طويلاً وعباءة.
وقد وافق اسمه مُسمّاه في الحِلم، وكان مثالاً للتقوى، وشبيهَ الطّبعِ بسيدنا أبي بكرٍ رضي الله عنه .
بدأ تحصيله العلمي بقسطموني، فأخذ علوم القراءات والصّرف والنّحو على أبرز علماء بلده.
وفي سنّ الثامنة عشر أرسله أبوه إلى إسطنبول؛ لاستكمال تعليمه بها حيث استقرَّ به المقام في مدرسة محمود باشا، وهناك تعرّف على الشيخ ضياء الدين الكُمُشخانوي، فكانت تلك بداية صُحبةٍ استمرّت بعد ذلك لما يزيد عن خمسين عاماً.
في مدرسة محمود باشا داوم على حضور دروس النّوشهيري حازم أفندي الكبير، فأخذ عنه علومًا مثل التفسير، والفقه، والحديث، والحكمة، وأجازه فيها.
تطوّع حسن حلمي أفندي لإقامة الأذان في مسجد السلطانة فاطمة الذي هجره المُصلّون، ولم تعد تُقام فيه الصّلوات، وفي وقت قصير عادت الحياة للمسجد، وأُقيمت فيه الصلوات الخمس، فتمّ تعيينُهُ مؤذِّنًا رئيسيّاً به.
ولالتزامه بوظيفته في مسجد السلطانة فاطمة ترك مقامه في مدرسة محمود باشا، وبالرغم من مفارقته للمدرسة إلا أنه منذ البداية كان يُكثر من زيارة الكُمُشخانوي الذي ربطته به علاقة احترام وإجلال كبيرين.
في تلك الأثناء جاء الشيخ أحمد بن سليمان الأروادي إلى إسطنبول، وانتسب إليه الشيخ الكُمُشخانوي.
أما حسن حلمي أفندي فقد ظلَّ لمُدّة طويلة تأخذه الرغبة في الانتساب إلى هذا الطريق، حتى صرّح بما يشغله لرفيقه وأمين سرِّه الكُمُشخانوي، فأشار عليه الكُمُشخانوي بالانتساب إلى الشيخ عبد الفتاح العُكري الذي كان مثل الأورادي خليفة من بين خُلفاء مولانا خالد البغدادي في إسطنبول، والذي سبق أن اتّخذه الكُمُشخانوي شيخًا جليسًا [شيخاً جليساً: شيخاً في الطريقة من خلفاء شيخ الطريقة، أثناء غياب شيخ الطريقة] بإذنٍ من شيخه الأروادي.
انتسب حسن حلمي إلى الشيخ عبد الفتاح العُكري نُزولاً عند مُقترحِ الشيخ الكُمُشخانوي، وظلَّ إلى حين وفاة الشيخ مرتبطًا به بتسليمٍ كاملٍ له، وفي أثناء ذلك داوم مع الكُمُشخانوي على حضور دروس الحديث التي يعقدها الشيخ الأروادي بمسجد آيا صوفيا.
توفّي الشيخ الأول لحسن حلمي أفندي سنة (1864م)، فانتسب بعدها إلى الشيخ أحمد ضياء الدين الكُمُشخانوي الذي أخذ الخلافة عن الأروادي، وواصل حضور دروس الحديث إلى أن حصل فيها على إجازة.
وبعدها مباشرة أتمَّ السير والسلوك، وحصل على الخلافة، وقبل وفاة شيخه أصبح وكيلاً له في مقام الإرشاد، وخليفته الرئيسي.
سنة (1863) أدّى الشيخ حسن حلمي أفندي مع شيخه الكُمُشخانوي فريضة الحجّ، وعند عودة شيخه من حجّته الثانية أقام ثلاث سنوات بمصر وطنطا، فأوكل إليه أمور التكيّة الكُمُشخانويّة خلال تلك الفترة.
وعند عودة شيخه إلى إسطنبول أرسله إلى "كَيْوَه" بقصد القيام بالإرشاد في منطقة “إزميت آدا بازاري"، فأنشأ حسن حلمي أفندي هناك مدرسة وتكيّة حيث درّسَ الحديث، وعمل على نشر الطريقة.
أرسل الشيخ الكُمُشخانوي في طلب مريده وخليفته الرئيسي حسن حلمي أفندي القسطموني للقدوم من كيوه إلى إسطنبول عندما تقدّمت به السّنّ، ولم يعد قادراً على تسيير شؤون التّكيّة، فسلّمها إليه بعد أن طلب من مريديه أن يرتبطوا به.
بعد ذلك اقتصر نشاط الكُمُشخانوي على إقامة مجلس يوم الجمعة، وحِلَقِ الذِّكْرِ إلى حين إدباره عن الدّنيا، لكنّه في السنة الأخيرة التي سبقت رحيله إلى الآخرة لم يعد يقوم بتلك المهامّ أيضاً، وترك جميع مسؤوليّات التّكيّة لحسن حلمي أفندي.
أما حسن حلمي الذي تقلد وظيفة الإرشاد على امتداد 18 عاماً بعد وفاة شيخه سنة (1893) فقد جعل من الاشتغال بالحديث أساساً له مثلما فعل شيخه من قبل، حيث جرت العادة على ختم كتاب "راموز الأحاديث" الذي كان بمثابة الكتاب التعريفي للتكيّة مرّتين في السّنة.
كما درّس إلى جانب العلوم الماديّة دروس المعرفة، والأدب والأخلاق، والتربية الروحية لمئات الطلبة من أمثال محمد خلوصي أفندي، وعلى رأسهم محمد زاهد الكوثري.
وتخرج على يديه 56 خليفة، يمكن أن نذكر من بينهم: أيوب صبري الأماسي، كاتب مصطفى فوزي، يوروك زاده أحمد فوزي البلواديني، علي رضا القيصري، يوسف بحري الكَيْوي.
سنة (1896) خرج الشيخ حسن حلمي إلى الحجّ بعد أن وكّل الشيخ إسماعيل نجاتي أفندي الصفرانبولي، وحلّ ضيفاً في المدينة على الحافظ أحمد ضياء الدّين أفندي أحد مُريدي الشيخ الكُمُشخانوي، حيث دخل خلوةً في الروضة النبويّة الشريفة لمدّة 18 يوماً، وجاوَرَ بها.
وفي مراحل عمره الأخيرة لم يعد قادراً على القيام بخدمات الإرشاد، فوكَّلَ إسماعيل نجاتي أفندي الصفرانبولي أحد خُلفاء الكُمُشخانوي، وعيّنه خليفة له.
ذات يومٍ ألمَّ به مرض مفاجئ ألزمه الفراش، وأقلع بسببه عن الأكل والشرب، ثم فتح عينيه قليلاً، وبعد أن أعطى لمُريديه الورقة التي تحتوي على وصيّته قال لهم: "في الواقع لقد حان وقت التقائي برحمة الرحمن منذ مُدّة، ولكنكم تزعجونني بدُعائكم لي، فهذه الروح تريد أن تلقى ربّها المجيد، ماذا عليكم لو تركتم الدُّعاء؟!"، وفي النهاية قال من أعماقه: "الله"، وأسلم روحَه، رحمه الله.
ألّف كاتب مصطفى فوزي أحد خلفاء الشيخ متنًا منظوماً تناول فيه حياة الشيخ، وأحواله الحسنة، ورحلاته، وكراماته، وسمّاه "المناقب الحسنية في الأحوال
السَّنِيَّة".
أسلم حسن حلمي أفندي روحه في العاشر من شباط سنة (1911) عند الساعة 07:15 ودُفن في مقبرة جامع السليمانيّة.