سيدنا أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)*
أما أجلُّ المِضيافِين فهو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، كلّ بيوت الناس تأتيها الضيوف، ولكنها لم تستقبل أبداً ضيفاً بشرف الضيف الذي نزل منزله هو، شرف الضيافة الذي ناله هو لم ينلْ مثلَه أصحاب أيِّ بيت آخر، هو نبيّ بحقّ كما وصفه الشاعر بقوله:
او رسول مجتبى هم رحمة للعالمين
بنده مدفون در ديو أفلاكه فخر ايلر زمين
معناه: هو نبيّ ونبيّ محترم، ورسول مجتبى، تُفاخر به الأرضُ السماءَ بقولها: رسولُ الله عندي.
البروفيسور محمود أسعد جوشان (رحمه الله)
نقول: "الله أكبر"، يصدحُ بها إخواننا المؤذّنون نحو السماوات، هذه العبارة من المؤكد أن جميع من هم في ديارنا سمعوها، ويعرفونها ويترجمون معناها، الله جلّ جلاله كبيرٌ لدرجة لا يمكن معها مقارنته بأي شيء آخر نعرفه، هو الأكبرُ بلا مقارنةٍ.
بعض الشُّبان المساكين يصيحون بأن "أكبر شيء كذا، وأكبر شيء كذا..."، هذا النوع أو الأشخاص أو نحوهم مُخطئون جدّاً، يا لَهؤلاء المساكين الحَيَارَى! الله تعالى هو الأكبر لدرجة لا يمكن معها المقارنة.
هناك الله، وهناك ما سوى الله، والله كبيرٌ لدرجةٍ لا يمكن معها مقارنته بما سِواه، نحمدُه تعالى ونُثني عليه بلا نهاية، فقد أنعم علينا بنِعمِهِ، وما زال مُنعِمًا، بفضله نعيش، وجودُنا وحياتُنا وعقولنا وأفكارنا وصحّتُنا كُلُّها منه، الله تعالى هو الأكبر، وكلُّ ما يتعلّق به هو الأكبر والأجمل والأشرف.
أعظم الكلام كلامُه القرآن الكريم، جعلنا الله وإياكم جميعاً من أهل القرآن، وجعلنا ممّن يتّبعون كلامه الأعظم على أحسن وجهٍ، فمعرفةُ كلامه أهمُّ أعمال حياتنا وأهمّ مشاغلها، وبعبارة أخرى أهمُّ اهتماماتنا، الأعمال الأخرى جميعُها تبقى وراءنا صِفرًا، نُؤخِّرها لما بعد القرآن، عملُنا ووظيفتُنا وشُغلُنا هو معرفة الله والوصول إليها، معرفة الله الخالق وربطُ هذه النّعم بمُسدِيها.
أحبُّ المحبوبين وأَوَّلُهم هو حبيبُه، حبيب الله محمد المصطفى، عبدهُ المُختار صلى الله عليه وسلم بلا نهاية، نسأل الله أن لا يُبعدنا عن طريقه، وأن يجعلنا ممّن يُحيُون سُنّته في هذا العصر البائس الذي حارت فيه النّاسُ، وتشتّتت فيه عقولهُم، وأنعم اللّه على كلّ فرد منّا بإحياء سُنّته، وخِدمتِها، والفوز بثوابِ المِئات من الشُّهداء1.
أجمل المُدن مكّة المكرّمة، وأجمل المياه ماء زمزم الذي فيها، وأجمل الأحجار الحجر الأسود الذي فيها، كما أن أجمل الأماكن هي مواضِع عبادة الله والمساجد والجوامع، وأفضل تلك المواضِع أيضاً هو البيت الذي شرُفَ بتسميته ببيت الله، المسجد الحرام، والكعبة المُشرّفة.
أجمل عباد الله رسوله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومَن لازمَه من النّاس هم أجمل الأصحاب، ورُفقاؤه وجُلساؤه وصحابتُه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، نسأل الله أن لا يُبعدنا عن طريقهم.
أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اِقْتَدَيْتُمْ اِهْتَدَيْتُمْ.
أصحابي الكرامُ كالنّجوم التي في السّماء، بأيّهم اقتديتُم، وأيّهم اتّبعتم وجدتم الحقّ والخير، ونِلتُم النّعمة، ودخلتم الجنّة2.
لقد وصلوا إلى الشّرف الأكبر الذي لم يصله أحد من الناس غيرهم؛ لأنّهم جَالَسُوا حبيب الله صلى الله عليه وسلم، ونالوا لقب "أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم".
هناك حديث قرأته والدموع تذرف في إحدى الليالي المباركة، وبشّرت به إخواننا، وها أنا ذا أبشّركم به أيضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة: "ودِدتُ لو أني رأيت إخواني، ولقيتُهم"، فقال الصحابة مستغربين: يا رسول الله، ألسنا إخوانك؟ فقال: "أنتم أصحابي، وإخواني هم الذين يأتون من بعدي، وهم متعلّقون بي لدرجة أنهم مستعدون للتضحية بأرواحهم وأولادهم وأموالهم لكي يرَوني"3.
نسأل الله أن يكرمنا، ويُحسن إلينا بمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما أجلُّ المِضيافِين فهو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، كلّ بيوت الناس تأتيها الضيوف، ولكنها لم تستقبل أبداً ضيفاً بشرف الضيف الذي نزل منزله هو، شرف الضيافة الذي ناله هو لم ينلْ مثلَه أصحاب أيِّ بيت آخر، هو نبيّ بحقّ كما وصفه الشاعر بقوله:
او رسول مجتبى هم رحمة للعالمين
بنده مدفون در ديو أفلاكه فخر ايلر زمين4
معناه: هو نبيّ ونبيّ محترم، ورسول مجتبى، تُفاخر به الأرضُ السماءَ بقولها: رسولُ الله عندي.
رسولُ الله شمس الهداية، وحبيب الله المصطفى والمجتبى حلَّ ضيفاً على بيت تلك الذات المحترمة، وبتقدير من الله.
عندما أراد أهالي المدينة أن يمسكوا بزِمام ناقته صلى الله عليه وسلم، وكلّ منهم يقول: يا رسول الله تفضّل إلى بيتنا، شرِّف منزلنا وكُن ضيفنا، قال لهم صلى الله عليه وسلم: "خلّوا ناقتي، فإنّها مأمورة، تعرف ماذا تفعل، وأين تقف، سأكون ضيفاً على المكان الذي تُشير إليه"5.
لقد كتب قلم الأزل ذلك الشّرفَ من نصيب هذه الذات المحترمة.
نحن الآن مقيمون في مدينة إسطنبول التي يحبّها الجميع، كانت إسطنبول تُسمّى بتعبير العرب "القسطنطينية"، وبتعبير سُكّانها الأصليّين "قسطنطين بوليس" إلى حين فتحها على يد السلطان محمّد الفاتح جُعِل مثواه الجنّة... عندما قيل للسلطان محمد الفاتح: إن اسمها قسطنطين بوليس قال: "كيف يمكن أن تكون مدينة قسطنطين؟ هي إسلامبول، مدينة الإسلام"، إسلامبول إسلامبول إلى أن أصبحت إسطنبول، هكذا تُنطق في أيامنا هذه.
شعور عميق واهتداء... الكلمة أيضاً نتيجةٌ لعمليّة الهداية...
عندما يدخل غير المسلم في الإسلام يُغيّر اسمه، ولا يذكر اسمه القديم، تسأله فيُجيب: "يوسف إسلام، أو عمر الفاروق"، يُقالُ له: "ما اسمك القديم؟"، فلا يرغب بالإجابة، يُغيّر اسمه مع الإسلام.
وهنا أيضاً أيُعقلُ أن يظلَّ اسمها قسطنطين بوليس، أو قسطنطين بول؟ صار اسمها إسلامبول، لقد غيّر السلطان اسمها بشكل خاص.
سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً كان يغيِّر أسماء بعض الصحابة عند دخولهم في الإسلام إذا لم تكن أسماؤهم مناسبة، مثلاً عبد شمس غيّره في الحال، وقال لصاحبه: "فليكنْ اسمُك عبد ال6، غيّرَ الأسماء التي لم تُعجبه7، وهذا أيضاً من السُّنة السَّنيّة لسيّدنا النبي صلى الله عليه وسلم.
ليست قسطنطين بول، بل إسلامبول، مدينة الإسلام... إنها مدينة أنعم الله عليها بنِعمٍ كثيرة:
بو شهير ستانبول كي بي مثل وبها در
بير سنكينه يبكاره عجم ملكو فدا در
بير كوهري يبكاره اكي بحر اراسنده
خرشيدي جهان طاب طرطل سه سزا در8
هذه المدينة نادرة الضخامة بحيث لو أن الشمس التي تُنير العالم وُضعت في كفّة ميزانٍ لكان ذلك تشبيهاً مُمكِنًا لِبَيان قيمة إسطنبول، رضي الله عن الذين ملَّكُونا هذه المدينة، وجعل مثواهم الجنّة، ونوّرَ عليهم قبورهم، وزَادَ مقاماتهم العالية رِفعةً، وشفّعهُم فينا.
لم يكن للمُدن جميعُها نصيبٌ من مقالِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه المدينة مرَّ ذكرُها على لسان النبي صلى الله عليه وسلم حيث بشّر بقوله: "لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ"9.
لقد أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلّم من خلال مُعجزاته الأحمديّة عن فتح هذه المدينة قبل (850) سنة من وقوعه الذي كان خبراً مُستقبليّاً حينها، وفي أي زمن كان ذلك؟ كان ذلك والمدينة المنورة قرية صغيرة، كانت حينها مُحاطة بالصحراء، وقوام الدّولة ثلَّة من المسلمين...
كانت الإمبراطورية الساسانية بإيران إحدى الدّولتين الكبريين في العالم في ذلك الوقت، وثانيتهما الإمبراطورية البيزنطية، في الوقت الذي شهد سيادة دولتين عظيمتين كبيرتين يقول النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة شمس العَالَمين بأن "إسطنبول ستُفتح بالتأكيد"، حديث شريف صحيح، قام ببَحثِه مجموعة من العلماء في مجلة الديانة10، هكذا قال سيّدنا صلى الله عليه وسلم.
وقوله هذا يشهد عليه أيضاً أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، جاء إلى هنا طمعاً في أن يكون ذلك الشرفُ من نصيبه، حيث أوقد النبي صلى الله عليه وسلم فيه ذلك العشق والشّوق منذ ذلك الزمن، فجاءت تلك الذات المحترمة إلى هذه الأرض مدفُوعةً بعشق الفتح، لذلك فإن سيّدنا أبا أيوب الأنصاري وبقية الصحابة الكرام مُهِمّون بشكل كبير بالنسبة لنا، ولهذه المدينة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام التّرمذي عن عُلماء الحديث: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي يَمُوتُ بِأَرْضٍ إِلَّا بُعِثَ قَائِدًا وَنُورًا لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ11، نسأل الله أن يجعل جنّته وجماله من نصيبنا جميعاً، سنذهب إلى هناك خلف راية هذه الذات.
بدأنا بِعدِّ الأمور الجميلة، والآن وصلنا إلى جمال إسطنبول، أجمل بلدةٍ في إسطنبول ـ لن تؤاخذنا اسكودار المباركة ـ هي بلدة سيّدنا أبي أيوب الأنصاري، بناءً على الأسباب التي تقدّم ذكرها تُعتبر بلدة "أيوب سلطان" أجملَ وأشرف وأعلى وأرقى وأثمن منطقة في إسطنبول، لذلك فإن خدمة ذلك المكان وزيارته شرف عظيم، أن يكون الإنسان إماماً لذلك المسجد، أو مؤذناً، أو فرداً من جماعته، أو أن يكون من زُوّاره لُطفٌ عظيم من الله.
قديمًا كان مُحيط منطقة "أيوب سلطان" مكاناً يكثُر فيه تجوال كبار الدّولة، كان بمساكن الوزراء، والباشوات، وبتكيّات كِبارِ أولياء الله، كانت أراضي التكيّات تحتوي على حدائق ورود بمساحات 17 و15 و6 دونمات، في هذه الحدائق كانت البلابل تُغرّد حول الورود، وكانت الظِّباء والغزلان تتجول بين الأشجار، نسأل الله أن يجعل من نصيبنا إعادة تلك البلدة إلى سالف عهدها.
هذه الذات المحترمة يحبّها الجميع، فبعد أن يتعرف الإنسان على حياتها ومُميّزاتها يستحيل أن لا يُعجب بها، يلتقي نسب سيدنا أبي أيوب مع النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمه وأبيه، لهذا المبارك رابطة دمٍ وقرابة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة يُكابد ألف مشقة، ويسعى في بيان أمر الله ودينه ووجوده ووحدانيّته كان الناس يُذعنون لقوله، ولكنّهم لا يتجرؤون على مساعدته خوفاً من نفوذ قريش.
كان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يذهب إلى القبائل الوافدة على مكة المكرمة لأسباب متعددة، ويتكلم معهم، كان يقترب منهم بتودُّدٍ قائلاً: "هل تسمحون بأن أتكلم معكم قليلاً؟، أنا رسول الله المُرسل إليكم بأن لا تعبدوا الأصنام، الله تعالى خالق الكائناتِ واحدٌ لا شريك له، ولا مثيلَ، إن أنتم أقررتم بوجوده ووحدانيّته نِلتُم النعيم في الآخرة، ودخلتم الجنّة، وإن عصيتموه وكان إيمانكم خاطئاً كنتم مُشركين، إن كفرتم نلتم جزاءكم".
عندما كان يحذرهم بذلك كانوا يقولون: يا محمد الأمين الشريف، أنت تقول الصدق، ولكننا إن قبلنا قولك فإن علاقتنا ستسوء مع القرشيّين وهم قومٌ أصحاب نفوذ وقوة ومال، ولهم أعوانهم ومعارفهم، وأصدقائهم ، نحن لا نستطيع فعل ذلك...
لم يكونوا يدركون حجم الرّبح الأخروي أمام الحسابات الدنيوية.
أما المؤمنون السّعداء الذين جاؤوا من المدينة المنورة إلى العقبة فإنّهم بعد أن استمعوا إلى سيّدنا النبي صلى الله عليه وسلم ـ طبعاً لم يكن لهم علمٌ بذلك قبل مجيئهم، ولكنّهم بعد أن استمعوا إليه ـ آمنوا به وبايعوه، صافحوه، وآمنوا به قائلين: "آمنَّا وصدّقنا، أنت رسول الله، ونحن تَبَعُكَ، وطوعُ أمرك، الأمر بيدك، ونحن أمّتُك". هذه بيعة العقبة الأولى.
في بيعة العقبة الثانية ـ أي: في السنة التالية ـ جاءت حُشودٌ أكبر، كان اسم المدينة حينها يثرِبَ، وبعد أن اختارها سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم صار اسمها مدينة الرسول، ونقول: "المدينة" اختصارًا، هي مدينة الرسول، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صارت حُشُود المؤمنين هناك أكبر، عندما أحسُّوا بالطعم الذي ذاقه أوائل المُبايعين توافدُوا على المدينة كما يتساقط الفَراش على النار قائلين: "يا رسول الله نحن أيضاً آمنّا بك"، أمسكوا بيده التي كالحرير وبايعوه.
أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه جاء ضمن تلك الوفود من المدينة المنورة، وهو من السابقين الأولين الذين كانوا أوائل من آمن وبايع12، كان مباركًا من بين الذين أدركوا الحقيقة بسرعة، وتابعوا سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، ونال شرف أن يكون ضمن أوائل المسلمين من أهل المدينة.
لا يمكن لنا أن نُوفّي أوصافه الحميدة حقّها مهما تحدّثنا، لقد كان من أوائل الذين آمنوا بمجرّد رؤيتهم للحقيقة، من الذين استمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية فبايعوه، وآمنوا به.
عندما كان الوحي ينزل على ذات سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الشريفة كان يتلقَّى الوحيَ، ثم يتلوه فيكتبُه الكتَبةُ الذين يُسمَّون بكتَبة الوحي، أي إنّهم الذين يكتبون الآيات التي يُنبئهم النبي صلى الله عليه وسلّم بها عند نزول القرآن الكريم عليه من عند اللّه تعالى، وأبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أحد كتبة القرآن الكريم أولئك.
لقد كان أحدَ حفّاظ القرآن الكريم، من الذين حفظوا القرآن، وقد تعلّقت روحُه بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، في الواقع لقد كان من الذين يقولون: "بأبي أنت وأمي، وروحي، ومالي ومُلكي، وكلّ ما عندي يا رسول الله"13.
في زمن فتح النبي صلى الله عليه وسلم لخيبر سمِعَ ذات ليلةٍ حول الخيمة صوت أقدامٍ، كان هذا المُبارك قد خرج للحراسة متوشّحاً سيفه، ويحوم حول المكان، قال: "يا رسول الله، بعد أن فُتِحت خيبر خشيتُ أن يقوم الأعداء باغتيالك، لذلك فأنا أقوم بالحراسة حول المكان حتى تستطيع النوم مرتاحاً دون أن يصيبك أي مكروه"، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء بالدعاء قائلاً: "يا رب أحسن لهذا العبد المبارك الذي ترك نومه لأجلي"14.
لقد ظفر بدعاء سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم.
كان أيضاً راوياً للأحاديث، روى الأحاديث التي سمعها من سيدنا صلى الله عليه وسلم للأجيال اللاحقة، نقلها وعلّمَها لهم، لقد روى هذا الصحابيُّ ما يقرب من الأربع مائة حديث شريف.
استضاف سيّدَنا النبيّ صلى الله عليه وسلم في بيتِه لمدّة سبعة أشهر، عندما بركت الناقة في ذلك المكان حلّ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ضيفاً في بيته.
كانوا يقولون: "يا رسول الله تفضّل فإن مكانك فوق رؤوسنا، مكانك في قلوبنا"، فيُجيب النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُغيّروا مكانكم، سنبقى في الأسفل"، ولكنهم لا يشعرون بالراحة.
كانوا يخافون أن يُصدِروا ضجّة، وأن يسقط التراب من بين الألواح أثناء سيرهم وهم فوق سيدنا صلى الله عليه وسلم، ولكن سيدنا صلى الله عليه وسلم يُظهرُ تواضُعاً لإقامته في الأسفل؛ لأنه يفكّر في راحة صاحب البيت.
كانوا يجهزون الطعام، فإذا حضر يقدمون له هو أولاً، وبعد أن يأكل هو تأتي السّفرة، فيتسابقون للأكل من موضع يده، يفعلون ذلك بعشق وشوق؛ ليُصِيبُوا الموضع الذي أكل منه15.
ذات يوم انقلبت جرّة، فانسكبَّ الماء وكاد أن يقطُرَ إلى الأسفل على رسول الله صلى الله عليه وسلم16، فقالوا: يا رسول الله لقد أعْيَانا هذا الوضع، فهلّا تفضّلت إلى أعلى.
يأخذون النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعلى البيت، ينقلونه إلى الطابق العلوي؛ لأن ذلك أليَقُ به، هكذا كانت خدمتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان ظفرهُم بدُعائه.
يُقال: "أيوب سلطان"، وطبعاً هناك نقصٌ في قولنا ذلك، فأيوب هو اسم الولد الأكبر لسيّدنا المبارك هذا، ليس هو اسمه، بل اسم ولده، أما اسمه هو فأبو أيوب خالد، أي إن اسمه خالد، وكنيته أبو أيوب، لذلك علينا أن لا ننسى "أبو"، فالأصل أن نقول: "أبو أيوب"، كُنِّيَ بذلك؛ لأن ابنه الأول اسمه أيوب.
الناس عندنا ينطقُون اسمه ناقصاً؛ لأنهم لا يعرفون معنى كلمة "أبو"، لديه ثلاثة أولاد، وبنت واحدة، أيوب، وعبد الرحمن17، وولدٌ اسمه خالد على اسمه هو، وبنت اسمُها عمرة18، كان له أربعة من الولد، في ذلك العصر كانوا يتكنّون باسم الولد الأول، كنية سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم هي "أبو القاسم"، وكنية سيدنا المبارك هذا هي "أبو أيوب".
السلطنة جاءت من الله، فإذا أنعم الله على إنسان بهذه النّعم فإن السلاطين تقف أمامه واضعين اليد فوق اليد احتراماً، وأجدادنا بما أنهم أولياء رُفعت الحُجُب عن أعينهم، فإنهم يعرفون جيداً مَن يكون السّلطان بحقّ، لذلك فإن هذا المحترمَ سلطانٌ، وبقية السلاطين خدَمٌ له، يقفون أمامه واضعين اليد فوق اليد احتراماً له.
أنتم مُحبّون لأيوب، سبق أن اعترض أحدهم على تسمية "مكتب أيوب" بقوله: "لماذا ضُمِّنت كلمة "سلطان" في اسم "معهد السلطان أيوب للأئمة الخطباء؟ هذا الأمر يذكّر بالسلاطين القدماء"، لا، هذا يُبرِز أدب أجدادنا وتربيتهم وولايتهم، وجلاء أبصارهم وبصائرهم، هذه الكلمة بالرغم من معناها العظيم إلا أن مَن لا يعرف قيمة الأصالة، ويلقيها جانباً بحجّة أنها قديمة، فإنه لا يعرف قيمة هذه الكلمة.
"أيوب سلطان"، "أبو أيوب سلطان"، في كلمة "سلطان" يظهر مدى حسن أدب أجدادنا ولباقتهم، لذلك فأنا أدعوكم جميعاً إلى السعي في الحفاظ عليها، فهي أثمن ذكرى باقية من أجدادنا.
إنها شيء شبيه بقصر الطوب كابي، مثل عتاقة هذا المسجد ولوحاته، كلمة "سلطان" تعني لمن يفهمها الشيء الكثير، هل "أيوب" رفيقك في العسكرية؟ جامع أيوب!! حاشا ثمّ حاشا، "أبو أيوب سلطان"، سلطان عالم المعنويات، وراوي الحديث الشريف، إنسان ثابت مثل القلعة، ومتمسّك بالسّنّة السَّنيّة.
هناك العديد من الأمثلة عن ذلك:
يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يُعدّون لحفل زفافٍ، يقول: "في العرس علّقنا غطاءً أخضرَ جميلاً على الجدار"، حضر سيّدنا أبو أيوب الأنصاري، ونظر إلى الغطاء، ثم قال: "لم يكن هناك عادة كهذه على زمن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، أنتم ابتدعتم هذه العادة، وما وُفِّقتُم فيها، أنا آسف لا يمكنني البقاء هنا"، وانصرف. فقالوا: "لا تفعل..."19.
بمُجرّد قُدُومه إلى العرس قام وانصرف؛ لأنه لم يوافق على تغييرٍ بسيط، يمكن أن يبدُوَ لنا الأمر تفصيلًا بسيطاً، تعليق غطاء أخضر، لكنه لا يوافق على ذلك، ويقول: "لا، لم يكن هذا على زمن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم"، لذلك فنحن نعرف تعلُّقه الكبير بالسّنّة السَّنيّة، وقوله للحقّ في حضرة السلاطين والخلفاء، وتدخُّله عندما تستدعي الحاجة.
على إثر إحدى الغزوات، وبينما الغنائم تُوزَّع رأى امرأة تقبعُ جانباً وهي تبكي، فسأل: لماذا تبكي هذه المرأة؟ فقالوا: وقعت في السبي، وأُخذ منها ولدها، وهي تبكي لذلك، فقال: أعطوها ولدَها، فأعادوا لها ولدها، وكفكفوا دموعها، وعندما سألوه: لماذا فعلتَ ذلك؟ أجابهم: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ مَن فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة"، فعلتُ ذلك حتى لا يحصل هذا20، كان لا يتوانى عن الصّدع بالحق إذا رأى ظلماً.
نحن أيضاً علينا أن نكون كذلك، نواصل السّير في طريقهم، فنتمسّك بالحقّ، ونمنع الظلم، ونُحقُّ الحقّ.
كان سيّدنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه إماماً للمسجد النّبوي، عندما اشتدّت الفتن في آخر عهد سيّدنا عثمان رضي الله عنه بدأت القُوّات الوافدة في اضطرار الخليفة إلى مُلازمة بيته، الخليفة هو الإمام والقائد، يُصلّي بالناس، ويتقدّم الناس في المسجد وفي الحكم، كان شرف الإمامة عظيماً هكذا، لذلك اضطروه إلى مُلازمة البيت حتى استُشهِد وهو يقرأ القرآن الكريم، والمصحف الذي سال عليه دمه عند استشهاده محفوظٌ إلى الآن في قسم الأمانات المقدّسة بقصر طوب كابي، مُخبّأٌ هناك، وهو مصحفٌ كُتب على جلد ظبي.
في أثناء ملازمته لبيته، عندما منعَ الظالمون خروجه كان أبو أيوب الأنصاري يؤمُّ النّاس وكالةً في مسجد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم21.
إنه إنسان حافظ، واسع العلم، عارف، فاضل وكامل، كان إماماً يحمل صفاتِ إمامةٍ أعمقَ بكثيرٍ من أي إمامةٍ عاديّة، وعند اتساع العالم الإسلامي بفضل الفتوحات فُتحت في ذلك العصر ديار الشام ومصر والعراق وإيران، ووصل الفتح في أناضولنا إلى حدود ديار بكر وأخلاط وسلوان وقوقازيا وأضنة ومراش، وفي تلك المناطق توجد قبور بعض الصحابة، منذ ذلك العصر كانت تلك الأراضي إسلامية.
هناك فقط فترة استولى فيها الصّليبيّون على "أورفة"، وسادت فيها مملكة مسيحيّةٌ لمدّة من الزمن، وفي مرحلة أخرى استولوا على القدس قبل أن يفتحها صلاح الدين الأيوبي بعد ذلك.
ومنذ ذلك الوقت كانت أراضي جنوب شرق الأناضول التي يسكنها إخواننا من التّرك والكرد ديارًا إسلاميّة، ومنذ ذلك الزمن الأول قام سيدنا علي رضي الله عنه بنقل الخلافة من المدينة المنورة إلى الكوفة حتى لا تكون بعيدة عن إدارة الفتوحات، وقد كانت الكوفة حينها مدينة إسلامية قريبة من بغداد، أسّسها المجاهدون المسلمون بمُخطّط دائري يتوسطه مسجدٌ، ومحاطة بحصنٍ.
وعند انتقال الخليفة ترك تلك البلدة المباركة المدينة المنورة لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وقال له: "صارت الولاية على المدينة لكَ"، كان هذا المحترم هو ذلك الوالي.
وكيل الخليفة إمام وكاتب وحيٍ وحافظ للقرآن، وَوَالٍ على المدينة22، لقد فهم الإسلام، ولزِم طريق الله بحيثُ إن المال والمُلك، الموقع والمقام، الصحة والعافية، الأولاد والأبناء.... الدّنيا كُلّها صارت لا شيء في نظره.
كان إنساناً وهَبَ عُمره للجهاد، لم يقف عند حدود المدينة المنورة، لأجل المشاركة في فتح مصر ذهب إليها، ومنها إلى الشام، ثمّ إلى فلسطين، وتذكر بعض الكتب أنه شارك أيضاً في المحاولات الأولى التي قام بها المجاهدون العرب لفتح إسطنبول.
وأكثر شيء سيعجبكم وسيثير اهتمامكم هو مشاركته في فتح قبرص، فسيّدنا خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري هو فاتح قبرص أيضاً، جاهد في قبرص أيضاً.
يقول سيّدنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "علّموا أولادكم الكتابة، والسباحة، والرماية، واستعمال السلاح"23، هل سيسبحون في الصحراء؟ ما معنى علّموهم السباحة؟ إنها إحدى معجزات سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، إشارة تُبشّر بفتح أمّة محمّد لما وراء البحار، وخفقان راية الإسلام في البحار.
علموا أولادكم السباحة أيضاً، فثواب الحروب البحرية ضعف ثواب الجهاد في البرّ، ثوابه أكثر، ومرتبة شهيد البحر أعلى من مرتبة شهيد البرّ، لقد ركب هذا المبارك السُّفُن؛ لكي ينال ذلك الثواب، وشارك في فتح قبرص كما شارك في الحملات على إسطنبول، كان مجاهداً كبيرًا.
في إحدى الحملات على إسطنبول هاجمت مجموعة من المجاهدين قوات الروم القادمة لمقابلتهم، ثمّ تواجه الفريقان، حينها خرج من بينهم أحد الشجعان بعد أن استلَّ سيفه وهو يصيح: "يا الله"، وهاجم صفوف الأعداء، وأثخن فيهم، لكن البقية لم يفعلوا، في حين هاجم هو وعاد قائلاً: هجوم، هجوم... طبعاً عندما كان يهاجمهم كان البقية من ورائه يقولون: انظروا كيف يلقي بنفسه إلى التهلكة، والقرآن الكريم يقول: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ24، دخل بين الأعداء وقاتلهم، لقد ألقى بنفسه إلى التهلكة.
أبو أيوب الأنصاري يعرف القرآن، فهو حافظ، يعرف أسباب نزول الآيات، فبيَّنَ لهم معنى الآية قائلاً: لا أيها المسلمون، أنتم تفهمون القرآن الكريم بشكل خاطئ، تفسير هذه الآية الكريمة ليس كذلك، لقد نصرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عندما لم ينصره أحد، فنِلنا اسم "الأنصار"، نلنا شرف أن نكون "أنصار رسول الله"، وعندما كثُر عدد المسلمين قُلنا لأنفسنا: لقد كثر عدد المسلمين، ولم يعد لرسول الله بنا حاجة، فحوله الكثيرُ من ناصريه الذين يحومون حوله كالفَراش، وقلنا: فلنعُد إلى بساتيننا وحدائقنا وتجاراتنا، ولنبدأ بإصلاح أعمالنا، لذلك أنزل الله تعالى آية كريمة لتحذيرنا: يا أيها المؤمنون لا تتخلفوا عن السعي في سبيل الله، لا تحرموا أنفسكم من صرف أموالكم وأملاككم في سبيل الله، لا تُهمِلوا ذلك، ولا تتخلفوا عن دعم المجاهدين، لا تُقصِّروا في تجهيز الجيش، وشراء السلاح ونحوه؛ لأنكم إن فعلتم أغضبتم الله عز وجل، وكنتم مذنبين، وهكذا تلقُون بأنفسكم إلى التهلكة، إياكم أن تفعلوا ذلك، أنفقوا من أموالكم ومتاعكم في طرق الخير، هذا هو معنى الآية الكريمة25.
ليتنا نفهم القرآن الكريم بشكل صحيح كُلّنا وجميع المسلمين، وليت أقوى شعوب الدّنيا، وأقوى الدّول كانوا مسلمين، ليت المسلمين في البوسة والهرسك والجبل الأسود وقوقازيا وسيلان وأفريقيا لم يتعرضوا لكلّ أنواع الظلم، ولم يكونوا مظلومين ومغدورين، ومستضعفين ومُقتَّلين.
ليتهم لم ينسوا إحساس الجهاد، ولم يتهاونوا، ليتهم فهموا معنى الآية، فأنفقوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله، ولم يُسقطوا عزّة الإسلام، هكذا إذاً كان أبو أيوب الأنصاري في نفس الوقت أيضاً صاحب ذلك التنبيه.
ذات مرّة جاء أحد نوّاب الشّعب إلى كُلّيتِنا من أجل طلبٍ له، وفي أثناء حديثه مع العميد قال العميد: "يجب أن لا نُلقي بأنفسنا إلى التهلكة"... عميد، يزعم بأنه بروفيسور، وأن معلوماته كثيرة، ولكنه أخطأ القول، فأجابه أخونا نائب الشعب فورًا: "أنا لم أسمع أن معناها كذلك، الإلقاء بالنفس إلى التهلكة ليس معناه الخروج إلى الجهاد، وعدم التضحية بالنفس، ذلك شيء آخر..."، ثم أجابه جواباً جميلاً بمثل ما بيّنت لكم.
ليت الجميع يعرفُ الإسلام معرفة تامّة، وليت المسلمين يعيشون الإسلام بشكل تامّ، فيكونوا أصحاب اعتبار وعزّة كنتيجة طبيعية لذلك.
اللهم أعد علينا عِزّ الأمة المحمدية، اللهم نجِّها من الظلم والغدر، ومن تسلّط الكفار، اللهم وحّد كلمتها، واجمع بين قلوبها، واجعل أفرادها جسداً واحداً في خدمة الحق والخير، وفي نشر الخير في كل بقعة من العالم.
ليس في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنازُل، نحن كثيراً ما نتنازل، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين، عندما يرى المسلم منكرًا لا يسمح به في حين يسعى لتيسير القيام بالمعروف، هناك الملايين من المسلمين، لو أن كلّ واحد منّا صبّ كأساً من الماء على الأعداء لغمرهم الطوفان، ولكن لا أحد يقوم بوظيفته، ولا أحد ينكر على مَن لا يقوم بوظيفته، هذه المشكلة التي وقع فيها المسلمون اليوم أخبر بها الحديث الشريف، يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم:
"لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهُنَّ عن المنكَر، أو ليُسلّطنَّ اللهُ عليكم بلاءً، فيدعو خيارُكم فلا يُستجابُ لهم، تلك المذلةُ لا تزول حتى ترجعوا إلى دينِكم"26، يقول: إنَّ الله يسلِّطُ عليهم مذلَّة، لذلك عليكم أنتم الذين تعدُّون هذا المباركَ مثالاً تقتدون به أن تضعوا في حُسبانكم هذه النقطة أيضاً عند الحديث عن مناقبه، لا تغفلوا عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا تبتعدوا عن ذلك، ولا تُهملوا وظيفتكم التي كُلِّفتم بها.
Onun için bu noktayı da bu mübarek zâtın menâkıbını anlatırken, onu örnek alan kimseler olarak aklınıza yerleştirin. Emr-i mâruftan, nehy-i münkerden gafil olmayın, uzak durmayın, vazifelerinizi ihmal etmeyin.
لقد كان خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أكرم الكُرماء، عندما كان ابن عباس رضي الله عنه والياً على البصرة زارهُ سيدنا المُبارك على إثر عودته من إحدى الغزوات، عبد الله بن عباس عالمٌ ومفسّر وصاحب تجربة ومؤدّب، هو ابن عبّاس عمِّ سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، جميل الوجه، وطويل القامة، وطويل الأهداب، كان أجمل النّاس، قال لسيّدنا خالد بن زيد أبي أيوب الأنصاري: "أنت استضفْتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في منزلك، لذلك فأنا أهديك هذا البيت بما فيه من عبيد، تفضّل".
قام والي البصرة ابنُ عباس بإهداء أبي أيوبَ الأنصاري البيتَ الذي استضافه فيه، ومعه أربعون عبدًا كانوا في البيت، وأربعون ألف درهم من الفضة، قال له: "لقد استضَفْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتك، أنت كبيرُنا، وتاجُ رأسنا، خُذ هذه هديّتي إليك، أنت أكرمتَ رسول الله، وها أنا ذا أُكرمُك"، كان ذلك من عظمة ابن عباس، واحترامه لمقام أبي أيوب، وإكرامه له، كان يعرف قيمة ذلك الشخص.
فلنأتِ الآن إلى ردِّ فعل سيدنا خالد بن زيد أبي أيوب الأنصاري... قام بإعتاق الأربعين عبدًا، وتصدّق عليهم بالأربعين درهماً، لم يترك منها شيئاً لنفسه، تصدّق بها كلِّها27.
آخى سيّدنا النّبي صلى الله عليه وسلم بين المجاهدين الفدائيين القادمين من مكة المكرمة، وبين فدائيّي المدينة المنورة الأنصار، وقد كان مصعب بن عُمير هو أخا سيّدنا خالد بن زيد28، مصعب بن عُمير رضي الله عنه كان وحيدَ عائلته، كان مصعب بن عمير رضي الله عنه أجمل الناس، وسيمًا... كان شابًّا ثريّاً، ولكنه ترك أهله وماله، ومُلكه وثراءه في سبيل الله، كان والداه مشركين، ولكنه لم يلقِ لهما بالاً، وحاولت أمّه أن تؤثّر عليه، فقالت: "يا بنيّ، إذا لم تعد إلى دينك، وتتخلَّ عن إسلامك فإنني لن آكلَ، ولن أشربَ حتى أموتَ، فتكون قد اسأتَ إلى أمّك بذلك...".
فقال لها: "لا تُحاولي عبثاً يا أمّاه، فإنه لو كان لك أربعون روحًا، وأزهقتِها كلّها ما تركتُ هذا الطريق، ادخلي أنت في الإسلام"29.
أرسل سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة لتعليم الدين والقرآن، كان أهل المدينة يطربون عندما يقرأ القرآن بصوته الجميل، ويذوبون كالشمع، وقد دخل كثير من الناس في الإسلام، وتعلّموه بفضل حُسن خُلُقه، ونور وجهه، وحلاوة منطقه، جعل سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سيدنا أبي أيوب الأنصاري أخًا له في الآخرة.
والد أبي أيوب الأنصاري اسمه زيد، وأمُّه هند، وهو خالد ابن زيد وهند30، وزوجته فاطمة، ولأنها أيضاً أمٌّ لأيوب فإنهم ينادونها بأمّ أيوب، أبو أيوب الأنصاري، و فاطمة أمّ أيوب، كلاهما من بني النجار، من قبيلة الخزرج31.
قبل ظهور الإسلام كان في المدينة المنورة قبيلتان بينهما تنافسٌ هما الأوس والخزرج، دارت بينهما وقائع كثيرة، وحروب لسنوات طويلة، وقد صالح سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، لقد كان في مجيء سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى هناك نعمة كبيرة لهم، إذاً فهُما (أبو أيوب وأم أيوب) ليسا من قبيلة الأوس، بل من الخزرج.
Pوبما أنني ذكرت أن أبا أيوبَ قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فلأقرأ عليكم بعضها، هكذا ينال هو الثواب، وننال نحن أيضاً ثواباً على قراءتنا، يُثابُ كما يُثاب مَن دلَّ على الخير32.
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَن ِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ حَوْلَ الْعَرْشِ"33.
نقل هذا الحديثَ الإمامُ الترمذي أحد مشاهير عُلماء الحديث، ورواهُ سيّدنا أبو أيوب الأنصاري عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ يَاقُوتٍ حَوْلَ الْعَرْشِ".
أنت أخي، نحن إخوة في الآخرة، يدًا بيدٍ، نتحابّ ونتزاور، ونتَهادَى ونتحادَث، هكذا هم المتحابّون في سبيل الله يجلسون على منابر من ياقوت يوم القيامة، يكون مقامهم قيّمًا إلى ذلك الحدّ.
في حديث شريف آخر: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِ ذَلِكَ الْغَرْسِ"34.
روى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل مؤسّس المذهب الحنبلي، وعالم الحديث المبارك، نقلاً عن سيدنا أبي أيوب الأنصاري، عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِ ذَلِكَ الْغَرْسِ".
عندما يغرس المسلم غرسًا، ويصير شجرةً، فإن تلك الشجرة كلَّما أثمرت حصل هو على الثواب.
كُنّا قد أنشأنا جمعيّة مع إخواننا اسمها "جمعية أيوب للتاريخ والثقافة والبيئة"، لماذا أضفنا عبارة "البيئة"؟ سننشُرُ الخُضرةَ إن شاء الله، وسنُنشِئُ غابةً كتِذكار لأبي أيوب الأنصاري، وستكون شديدة الخُضرة، سنغرس شتلاتِ ورودٍ، وشتلاتِ فواكه، وسنجعل منها حديقة ورودٍ إن شاء الله، هكذا يقول الحديث الشريف، وهذا ما رواه عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم.
أما الحديث الثالث؛ لقد روى أربع مائة حديث شريفٍ، ولكنّني سأذكر لكم منها ثلاثة:
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُهَاجِرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ35.
نقل الحديث إمامَا المذاهب أحمد بن حنبل ومالك بن أنس، ورواه أبو أيوب الأنصاري.
يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في موضوع مهمّ جدّاً بالنسبة لنا: "لا يحلُّ لمسلم أن يهاجر أخاه" ويبتعدَ عنه "أكثر من ثلاث ليالٍ" ليس صواباً، لا يحلُّ مقاطعته لأكثر من ثلاثة أيام، لا يحلُّ أن يُواصلا عنادَهما، فيُدير كلّ منهما وجهه عن الآخر إذا تقابلا، وكأنه لم يرَه.
خيرهُما من يعارضُ الشيطان فيُبادر أخاه بالسلام قائلاً: السلام عليكم، يعني ذلك أن على المسلمين أن لا يظلُّوا متخاصمين، وأن يتصالحوا، تتصالح إيران مع العراق، وسوريا مع تركيا، والسعودية مع اليمن، ومصر مع ليبيا...
يجب على العالم الإسلامي أن يكون جسداً واحداً، حتى الناس الذين هم من نفس البلدات عليهم أن يتصالحوا، لا اختلاف، بل اتّفاق ووحدة ومعيّةٌ، لا حزب ولا تجمّعات، ولا نزاع ولا جدال ولا قتال، حينها سيكون للمسلمين عزّة وشوكة، يقول الله عز وجل في الآية الكريمة: وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ( )، لا تتنازعوا ولا تختلفوا فتتفرّقوا وتتشتّتوا، حينها تذهب قُوَّتُكم.
يصطادكم الجميع كما تُصطادُ الطيور، يذبحونكم ذبح الغنم، يجعلون منكم كباباً، ويأكلونكم، ثم يجلسون فوق صدوركم.
لماذا؟ إذا اختلفتم ذهبت قوّتكم، هل يمكن أن تُنالَ العزّة في الدّنيا والآخرة بغير الإذعان لكلام الله؟ غيرُ ممكن، مستحيل، لذلك يقول: "أيها المؤمنون، يا أمة محمد، إما أن تعودوا إلى دينكم، وإما أن تُصفَعوا"، هكذا تُبيّن لنا الأحاديثُ بلسان الحال، وفي الحديث الشريف أيضاً يروي لنا ذلك سُلطانُنا أبو أيوب الأنصاري عن سيّدنا النبي صلى الله عليه وسلم.
ليس من السّهل الحديث عن أحوال العظماء، ولا الانتهاء من ذلك، هذا المحترم هو قبطانُنا في الآخرة، وقائدنا في الدّنيا، هو تاج رؤوسنا في الدّنيا، ومدار افتخار بلدتنا، سنجعل من أخلاقه مثالاً لنا، وسنتمسّك بالقرآن، والحديث الشريف، والأمر بالمعروف، والجهاد.
سنجاهد في سبيل الله بأموالنا وأنفسنا، كيف نجاهد؟ الجهاد يكون بالأفراد، بإعداد من يُجاهد، لذلك علينا أن نربّي الإنسان، وعلينا أن ندعم الناس الذين نُربّيهم بكافة أنواع الدعم المادي والمعنوي، وبالعلم والآلات، والأدوات والإمكانيات، أين يتربَّى ناسٌ كهؤلاء؟ يتربَّون في الأماكن التي يُدرَّسُ فيها الدين، والقرآن الكريم، والحديث الشريف.
نسأل الله تعالى أن يُعلي مقام المشايخ والعلماء، والمُرشدين الذين يُنشئون مُؤسّسات دينية، والذين يؤسسون مكاتب، ويُدرّسون بها، والذين إن لم يكن لهم مكاتب فتحوا بيوتهم حتى الصباح للطالبين والذين ينشرون العلم ليلاً نهاراً، أعلم أنّ أولئك العلماء الكبار درّسوا دين الله ليلاً ونهاراً في أحلَك الأزمان.
كان المرحوم الشيخ خسرف يُدرّس ليلاً ونهاراً، ويُعلّم دينَ الله بدون تَوانٍ، ذكَرَ أحدُهم أن بعض النساء جِئنهُ وقُلن له: "يا شيخ، ليس لدينا وقت آخر، لو جئناك في الوقت الفلاني هل يمكن أن تُدرّسنا في الليل؟"، فقال لهنّ: "يمكنكنَّ المجيء".
لقد ترك شيوخنا نومهم، ولم يُقفلوا أبوابهم أمام الراغبين في الليل والنهار.
حَكَى صديقٌ لنا مديرٌ أن والدهُ لم يكن يُدرّسهُ حتى تذهب هيبته، فقال لصديق له مدرّس: "كُن شيخاً لولدي".
بعد ذلك تُوُفّي والده، ولكن ذلك المُدرّس كان وفيّاً ومتأدّباً، وذا تربية عالية، حيث يقول صديقنا: "ذلك المدرّس شيخي، وصديق والدي، لم يتخلّف أسبوعاً واحدًا عن تدريسي إلى حين وفاته، حتى عندما ذهبت إلى بريطانيا أرسل إلي رسائل، وواصل تدريسي"، تربية الإنسان مهمة إلى هذه الدرجة...
عندما فتح السلطان محمد الفاتح إسطنبول قام بحصارها، وقال: "يجب تشييد قلعة أخرى في مُقابل قلعة أناضولو حصاري".
كان السلطان بايزيد خان قد أنشأ قلعة أناضولو حصاري، والسلطان محمد الفاتح سيقوم بإنشاء قلعة أخرى في الطرف المقابل، فكلّف ثلاثة من الباشوات بأن يقوم كل واحد منهم ببناء بُرجٍ، فأنشؤوا خلال ثلاثة أشهرٍ قلعة "روملي حصاري" الضخمة، لماذا؟ لأنه أمر بذلك.
سنُربّي الأولاد، وهؤلاء الأولاد لن نُعدّهم لتركيا، بل سنرسلهم إلى كافة أنحاء العالم، سنرسلهم إلى قرغيزيا، وكازاخستان، وتركمانستان، وإيران، وأستراليا، وإفريقيا، والأمريكيتين الجنوبية، والشمالية، وكندا... سننشُر دين الله.
ماذا كان يفعل سيدنا أبو أيوب الأنصاري في إسطنبول؟ كان يجاهد في سبيل الله، ويسعى في نشر دين الله، ونحن أيضاً سننشر دين الله من خلال النور والفيض الذي أخذناه من هناك، وسنُربي الطلبة، وندعمهم ونمنحهم كافة أنواع الإمكانات، ثم نرسلهم إلى كافة أنحاء العالم.
سبق أن طُلِب منّا قاضٍ مسلم لأستراليا، قالوا لنا: "شيخنا، نرجو أن ترسلوا لنا قاضياً يحكم فينا بدين الله، ونحن نعطيه راتبًا، يكفي أن يحكم فينا بالقرآن".
صاحب هذا الطلب ماليزي كان بوذيّاً قبل اعتناقه للإسلام، قالوا: "بما أننا مسلمون فنحن نخجل من مراجعة القُضاة الإنجليز لطلب العدالة، أرسِل لنا قاضيًا فنتّبعه".
هناك حاجة لمثل هذا في جنوب أمريكا، وفي جنوب إفريقيا، وفي كلّ مكان من العالم، لذلك فنحن سنقوم بإعداد من يسدّ تلك الحاجة، وسيكونون صدقة جارية لنا، كلّما نشروا دين الله كُتبت الحسنات في صحائفنا.
لذلك عليكم أن تفتحوا جُيوبكم جيّداً... فلنُنافس السلطان محمد الفاتح خان.
*Tarihi ve Tasavvufî Şahsiyetler شخصيات تاريخية وصوفية: , İstanbul: Server İletişimتموز 2017 الطبعة 5 ، ص 59–80 .
(1) حول الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه اُنظُر: الطبراني (Taberânî)، المعجم الأوسط (el-Mu’cemü’l-evsat)، (5: 315)، حديث رقم (hadis no): 5414؛ أبو نعيم (Ebû Nuaym)، حلية الأولياء (Hılyetü’l-evliyâ)، (8: 200)؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecmau’z-zevâid)، (1: 418).
(2) روى هذا الحديث عدد من الصحابة بألفاظ مختلفة:
أ- رواية ابن عمر رضي الله عنه: الحميدي (Humeydî)، المسند (Müsned)، (1: 250)، حديث رقم (hadis no): 783؛ ابن عدي (İbni Adiy)، الكامل في الضعفاء (el-Kâmil fi’d-duafâ)، (2: 377).
ب- رواية ابن عباس رضي الله عنه: الديلمي (Deylemî)، مسند الفردوس (Müsnedü’l-firdevs)، (4: 160)، حديث رقم (hadis no): 6497؛ العجلوني (Aclûnî)، كشف الخفاء (Keşfü’l-hafâ)، (1: 146)، حديث رقم (hadis no): 381.
ت- رواية عمر رضي الله عنه: الديلمي (Deylemî)، مسند الفردوس (Müsnedü’l-firdevs)، (2: 310)، حديث رقم (hadis no): 3400.
ث- رواية جابر رضي الله عنه: ابن مندة (İbni Mende)، الفوائد (el-Fevâid): 29)، حديث رقم (hadis no): 11؛ ابن حجر (İbni Hacer)، لسان الميزان (Lisânü’l-mîzân)، (2: 137، رقم (trc. no): 594.
ج- رواية أبو هريرة رضي الله عنه: القضاعي (Kudâî)، مسند الشهاب (Müsnedü’ş-şihâb)، (2: 275)، حديث رقم (hadis no): 1346
(3) حول الرواية التي نقلها أنس بن مالك رضي الله عنه، انظر: أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (3: 155)، حديث رقم (hadis no): 12517؛ أبو يعلى (Ebû Ya’lâ)، المسند (el-Müsned)، (6: 118)، حديث رقم (hadis no): 3390؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecmau’z-zevâid)، (10: 66.
(4) هذا البيت الذي لا يُعرفُ صاحبه يكثُر استخدامه كنَصٍّ في فنّ الخطّ، وتمامه هكذا:
روضه سن ايدوب زيارت ديدي جبريل امين
هذه جنات عدن فادخلوها خالدين
(5) سعيد بن منصور (Saîd b. Mansûr)، السّنن (Sünen)، (2: 347)، حديث رقم (hadis no): 2978؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk)، (11: 14)؛ ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (2: 121)، رقم (trc. no): 1361؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecmau’z-zevâid)، (6: 79).
(6) ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (3: 207)، رقم: 2878 (عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم)؛ (3: 355)، رقم (trc. no): 3113 (عبد الله ابن أبي عوف). هذان كان اسمهما عبد شمس، فغيّره بعبد الله.
وأبو ظبيان عبد الله بن الحارث بن كثير أيضاً كان اسمه في الأصل عبد شمس. انظر: ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (6: 181، رقم (trc. no): 6040؛ ابن حجر (İbni Hacer)، الإصابة (İsâbe)، (4: 50)، رقم (trc. no): 4609.
(7) من بين الأسماء التي غيّرها: عبد حجر غيّره فصار عبد الله، انظر: ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (3: 227)، رقم (trc. no): 2927؛ (3: 228)، رقم (trc. no): 2930 (غير اسم عبد العزى فصار عبد الله)؛ (5: 120)، رقم (trc. no): 4799 (غير اسم مخشي بن حميّر فصار عبد الله بن عبد الرحمن).
(8) مختارات من ديوان النديم: 22 (Nedim Divânı’ndan Seçmeler).
(9) أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (4: 335)، حديث رقم (hadis no): 18977؛ البخاري (Buhârî)، التاريخ الكبير (et-Târîhu’l-kebîr)، (2: 38)؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk): (58: 35)؛ الحاكم (Hâkim)، (4: 468)، حديث رقم (hadis no): 8300؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecma’u’z-zevâid)، (6: 323).
(10) Ali Yardım, “Fetih Hadisi Üzerine Bir Araştırma”, Diyanet Dergisi, XIII, sy. 2 (Ankara 1974), s. 116-123. للاطلاع على بحثٍ حول هذا الموضوع يحتوي على المقالة المذكورة أيضاً، انظُر: İmamzâde Mehmed Es’ad, Değeri ve Tesiri Açısından Fetih Hadîsi ve Feth-i Kostantîniyye, İstanbul 2002
(11) الترمذي (Tirmizî)، المناقب (Menâkıb): (59)، حديث رقم (hadis no): 3865؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk)، (2: 413-414)؛ العجلوني (Aclûnî)، كشف الخفاء (Keşfu’l-hafâ)، حديث رقم (hadis no): 2243.
(12) ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (2: 121)، رقم (trc. no): 1361.
(13) أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 416)، حديث رقم (hadis no): 23573؛ الطبراني (Taberâni)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 119)، حديث رقم (hadis no): 3855.
(14) ابن سعد (İbni Sa’d)، الطبقات الكبرى (et-Tabakâtü’l-kübrâ)، (2: 116)؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk)، (16: 45).
(15) مسلم (Müslim)، الأشربة (Eşribe): 171؛ أحمد ابن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 95، 103، 106، 415)، حديث رقم (hadis no): 20936، 21028، 21061، 23564؛ ابن حبان (İbni Hibbân)، (5: 448)، حديث رقم (hadis no): 2094؛ الطبراني (Taberânî)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 153- 154)، حديث رقم (hadis no): 3984، 3986؛ الحاكم (Hâkim)، (3: 520).
(16) ابن كثير (İbni Kesîr)، البداية والنهاية (el-Bidâye ve’n-nihâye)، (3: 201)؛ (8: 58).
(17) ابن سعد (İbni Sa’d)، الطبقات الكبرى (et-Tabakâtü’l-kübrâ)، (3: 484)؛ ابن حيان (İbni Hayyât)، الطبقات (Tabakât): 251.
(18) حول عمرة بنت أبي أيوب، انظر: ابن سعد (İbni Sa’d)، الطبقات الكبرى (et-Tabakâtü’l-kübrâ)، (8: 449)؛ ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (1: 1387).
(19) البخاري (Buhârî)، النكاح (Nikâh): 77؛ الطبراني (Taberânî)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 118)، حديث رقم (hadis no): 3853؛ ابن حجر (İbni Hacer)، فتح الباري (Fethu’l-Bârî)، (9: 249).
(20) الترمذي (Tirmizî)، السّير (Siyer): (17)، حديث رقم (hadis no): 1566؛ أحمد ابن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 412)، حديث رقم (hadis no): 23546؛ الطبراني (Taberânî)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 182)، حديث رقم (hadis no): 4080؛ الحاكم (Hâkim)، (2: 63)، حديث رقم (hadis no): 2334.
(21) الطبري (Taberî)، تاريخ الأمم والملوك (Târîhu’l-ümem ve’l-mülûk)، (2: 694).
(22) في عهد سيدنا علي رضي الله عنه تولى الولاية على المدينة في البداية تمّام ابن عباس، ثم سهل بن حُنيف، ثم أبو أيوب الانصاري. انظر: ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (1: 424)، رقم (trc. no): 510؛ ابن عبد البرّ (İbni Abdilber)، الاستيعاب (el-İstîâb)، (1: 59).
(23) حول الحديث الذي نُقِل عن ابن عمر رضي الله عنه، انظر: البيهقي (Beyhakî)، شعب الإيمان (Şuabü’l-îmân)، (6: 401)، حديث رقم (hadis no): 8664.
(24) البقرة: 195.
(25) حول الحديث الذي نُقل عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، انظر: أبو داود (Ebû Dâvûd)، الجهاد (Cihâd): (23)، حديث رقم (hadis no): 2512؛ الحاكم (Hâkim)، (2: 94)، حديث رقم (hadis no): 2434؛ البيهقي (Beyhakî)، السُّنن الكُبرى (es-Sünenü’l-kübrâ)، (9: 99).
(26) حول الأحاديث التي تحتوي على عبارات مشابهة، انظر: الترمذي (Tirmizî)، الفتن (Fiten): (9)، حديث رقم (hadis no): 2169؛ أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 388)، حديث رقم (hadis no): 23349؛ البيهقي (Beyhakî)، شعب الإيمان (Şuabü’l-îmân)، (6: 84)، حديث رقم (hadis no): 7558؛ نفس المؤلف (a.mlf)، السّنن الكبرى (es-Sünenü’l-kübrâ)، (10: 93)؛ الديلمي (Deylemî)، مسند الفردوس (Müsnedü’l-firdevs)، (4، 367)، حديث رقم (hadis no): 7059.
(27) أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، فضائل الصحابة (Fezâilü’s-sahâbe)، (2: 963)، حديث رقم (hadis no): 1881؛ ابن أبي الدنيا (İbni Ebi’d-Dünyâ)، مكارم الأخلاق (Mekârimü’l-ahlâk): 442؛ الطبراني (Taberânî)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 125)، حديث رقم (hadis no): 3876؛ الحاكم (Hâkim)، (3: 520، 522)، حديث رقم (hadis no): 5936، 5941؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk)، (11: 54-55)؛ الهيثمي (Heysemî)، معجم الزوائد (Mecma’u’z-zevâid)، (9: 537).
(28) ابن سعد (İbni Sa’d)، (3: 119، 484)؛ الحاكم (Hâkim)، (3: 518)، حديث رقم (hadis no): 5929؛ ابن عساكر (İbni Asâkir)، تاريخ دمشق (Târîhu Dımaşk)، (16: 39)؛ ابن عبد البرّ (İbni Abdilber)، الاستيعاب (el-İstîâb)، (1: 126)؛ ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (2: 121)، رقم (hadis no): 1362؛ ابن حجر (İbni Hacer)، الإصابة (İsâbe)، (2: 234).
(29) الزمخشري (Zemahşerî)، الفائق في غريب الحديث (el-Fâik fî garîbi’l-hadîs)، (3: 393)؛ ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، النهاية في غريب الحديث (en-Nihâye fi garîbi’l-hadîs)، (4: 839)؛ الخطابي (Hattâbî)، غريب الحديث (Garîbü’l-hadîs)، (2: 293).
(30) الاسم الكامل لأبي أيوب هو: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي النجاري. انظر: ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (2: 121)، رقم (trc. no): 1361؛ (6: 22)، رقم (trc. no): 5714.
(31) حول أم أيوب، انظر: ابن الأثير (İbnü’l-Esîr)، أسد الغابة (Üsdü’l-ğâbe)، (7: 291)، رقم (trc. no): 7372.
(32) رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن: "الدال على الخير كفاعله". انظر: الترمذي (Tirmizî)، العلم (İlm): 14.
(33) الطبراني (Taberânî)، المعجم الكبير (el-Mu’cemü’l-kebîr)، (4: 150)، حديث رقم (hadis no): 3973؛ البيهقي (Beyhakî)، شعب الإيمان (Şuabü’l-îmân)، (6: 486)، حديث رقم (hadis no): 9000؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecma’u’z-zevâid)، (10: 492).
(34) أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 415)، حديث رقم (hadis no): 23567؛ الهيثمي (Heysemî)، مجمع الزوائد (Mecma’u’z-zevâid)، (4: 117).
(35) البخاري (Buhârî)، الاستئذان (İsti’zân): 9؛ مسلم (Müslim)، البرّ (Birr): 25؛ أبو داود (Ebû Dâvûd)، الأدب (Edeb): (55)، حديث رقم (hadis no): 4911؛ الترمذي (Tirmizî)، البرّ (Birr): (21)، حديث رقم (hadis no): 1932؛ مالك (Mâlik)، حسن الخُلق (Husnü’l-huluk): 13؛ أحمد بن حنبل (Ahmed b. Hanbel)، المسند (Müsned)، (5: 416)، حديث رقم (hadis no): 23575.
(36) الأنفال: 46.
مقالة
“Ebû Eyyûb el-Ensârî”
Prof. Dr. M. Es’ad Coşan (Rh.a.)