فضل العلم*

إن العالم الذي يخرج في قبيلة أشد على الشيطان من أي شيء حيث يمنعه ويقطع رأسه وظهره. إذاً العالم يمنع ما يخطط الشيطان لبني آدم، وبهذا يكون العلم أكبر سلاح له تأثير عليه، والعلم الذي يعلّمه المسلم لأخيه من أفضل الصدقات.

القراءة بلغة أخرى

البروفيسور الدكتور محمود أسعد جوشان (رحمه الله)

قال : «ما من صدقة يتصدق بها رجل على أخيه أفضل من علم يعلمه إياه»

لا شك أن المؤمنين يقدمون كل أنواع التضحيات ليكسبوا رضى الله سبحانه وتعالى. فمنهم من يفدي بماله، ومنهم بجسمه. الفداء المالي يكون بأداء الزكاة والصدقة، والفداء الجسمي بخدمته لإخوانه إن اقتضى الأمر يفدي روحه وينال الشهادة أو يرجع غازيا.

إن النبي ﷺ يعلمنا بهذا الحديث الشريف شمولية مفهوم الصدقة، حيث قال: ما من صدقة يتصدق بها رجل على أخيه أفضل من علم يعلمه إياه.

إذًا من هنا عرفنا أن تعلم الإنسان العلم و تعليمه لإخوانه أحد أنواع الصدقة بل هي من أفضلها. فلا أفضل صدقةً من علم يعلمه المرء لإخوانه.

لذلك يجب على كل واحد منا تعلم العلم وتعليمه ونشره للناس جميعا.

وفي الحديث الآخر قال النبي   : «ما من شيئ أقطع لظهر إبليس من عالم يخرج في قبيلة».

ونفهم من الحديث بأن أكثر من يقسم ظهر الشيطان ويمنعه من وساوسه هو العالم الذي يخرج في قبيلة.

إن العالم الذي يخرج في قبيلة أشد على الشيطان من أي شيء حيث يمنعه ويقطع رأسه وظهره.

إذاً العالم يمنع ما يخطط الشيطان لبني آدم، وبهذا يكون العلم أكبر سلاح له تأثير عليه، والعلم الذي يعلّمه المسلم لأخيه من أفضل الصدقات.

ونتيجة هذين الحديثين ومفهومهما كالآتي:

ليس هناك سن معين للتعليم في الإسلام، وليس من الضرورة أن يتعلم الإنسان من المدارس. ألا ترى أن أصحاب رسول الله ليس منهم من تعلم العلم في المدارس، ولم يكونوا أصحاب الشهادات العليا، إنما  تعلموا العلم وهم ضمن المجتمع بملازمتهم للنبي وتخرجوا بصحبته.

الصحبة معناه الصداقة والرفقة في السفر، (وليست مجرد الجلوس مع الأصدقاء وتبادل الأحاديث والتسلية) كما هي في اللغة. من: ص ح ب / يصحب / صحبة، المصاحبة مع الآخر. والصحابة الكرام تربوا بصحبة نبيهم مع أن بعضهم كان يعمل بالزراعة في بساتين النخل وسقايته وقطفه وبيعه في الأسواق. وبعضهم يعمل بتربية الإبل وغير ذلك من أعمال مختلفة. ولم يكونوا في سن معين كما عليه الحال في المدارس اليوم.

بل يوجد من كل الأصناف وكل الأعمار وذلك أمر طبيعي للتعليم والتربية. ليس هناك أي شرط للتعليم وكان مجالات التعليم مفتوحة للجميع. ولا يتم ذلك إلاّ بالمصاحبة والأخوة .

 

والرسول كان يخرج للناس مبعوثاً من الله تعالى معلماً مباركاً. وكان أصحابه يسمعون كلامه بقلوبهم الواعية، كأن على رؤوسم الطير من شدة إنتباههم له. كان كلامه ينقش في القلوب كالنقش على الحجر. لذلك كانوا فيما يروون أحاديثه فيما بينهم بكل دقة وضبط حرفا حرفا بلا نسيان ولا نقصان.

كانوا مع تواجدهم في قلب المجتمع تعلموا ما يجب عليهم من أمور دينهم ودنياهم. كانوا في صحبة بعضهم صباحا ومساء. صحة ومرضا. إذا مرض أحدهم عادوه جميعاً وإذا مات شيعوه جميعاً.

وفي هذه الفترة كان هناك من يترك أهله وعشيرته لملازمة سيدنا النبي في مسجده الشريف يقال لهم أصحاب الصفة حتى وصل عددهم ما بين 70 الى 450 أحيانا.

إذًا الملازمة والمصاحبة من أهم الطرق للتعليم والتربية . مع وجودهم في قلب المجتمع واشتغالهم بأعمالهم لم يهملوا تعلّم ما يجب عليهم من أمور دينهم. وذلك من أفضل طرق التعليم.

ربما سئل أحدهم : لمَ لمْ تتعلم أمور دينك ؟

فيجيب: هذه الإمكانيات التي عندكم اليوم لم تكن في زماننا. كان الأمن لا يسمح للعلماء بأي شكل من أشكال التعليم، ومنع القرآن من قبل الحكومة لذا لم يرض أبي بتعليمي.

يقال له: ربما لم تسمح لك الفرصة في ذلك الوقت لكن بإمكانك أن تتعلم الآن وما المانع، لمَ تحرم نفسك ولك أن تحضر الدروس بعد العمل من المساء إلى الصباح. أليس عندك أيام الإستراحة والعطلة يوم السبت والأحد! و عندك أيام العيد والعطلة الصيفية، والإجازة السنوية، تفضل: تعلم الآن، لا سن معين للتعليم، ولا تقل أنك تجاوزت سن التعليم وأنك لا تفهم.

وكذلك لم تكن هذه الشروط والموانع في عهد نبينا ، لذلك كان أفضل  طرق التعليم والتربية.

هذه الطريقة في التعليم والتربية يطبق تماما عند مدرسة الصوفية. وأنت لا تجد التعليم بأسلوب نبوي عند غيرهم. بل العلم عند غيرهم تصنع لا روح فيه.

يقول بعضهم: يا أخي لو نزل الكتاب من السماء دفعة واحدة وقرؤوه وتعلموا منه حسبما فهموا وطبقوا ما فهموا منها...؟! 

نقول : هذا لا يكون ولن يكون أبدا.  هذا العلم لا يتعلم بالقراءة ولا بناء على التجارب.

بل يتعلم بطريق المجالسة لذا بعث الله تعالى نبيه قدوة للناس ومثالا ليقتدى به ويعلم المؤمنين أن يكونوا مثله ويمشوا على إثره ، حتى يكون عبداً مقبولا ومحبوباً عند الله سبحانه وتعالى، من خلال المشاهدة رأي العين  ويتعلموا منه مباشرة.

والله سبحانه وتعالى أرسل نبيا اميا إلى قوم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة وأخذوا عنه بهذا المنوال والطريق حتى صاروا قدوة وأئمة للناس جميعا لا مثيل لهم في القيم الأخلاقية.

الذين يطبقون هذه الطريقة الصحيحة للتعليم النبوي كما هي عبر القرون هم أهل التصوف.

تجد معلما مربيا يجتمع الناس حوله في كل وقت وحين منهم من عنده فراغ بالنهار يجالس الشيخ ومنهم في الليل يسمعون ويتعلمون و يقرؤون. +

أذكر لكم مثالاً : كان أبي تاجراً يأتي مساءً من عمله ويتعشى معنا ويذهب بعدها إلى صلاة العشاء في مسجد شيخه حتى يتعلم منه العلم والأدب وقبل ذهابه إلى العمل صباحاً يمر إليه ويصلي معه الفجر.

وعندنا نقص آخر وهو أننا نفعل الدروس والمواعظ قليلاً جداً وذلك لا يكفي أبدا لأنه يسبب البطأ في التعليم .

هناك قصة تأثرت بها جدا حكاها لي بروفيسور من أصدقائي قال :

هناك دكتور ألماني سافر إلى أمريكا قبل ٢٠-٢٥ سنة تقريبا لأن الذي روى لي القصة منذ ١٠ سنين - بعد ما رجع إلى ألمانيا سألوه : ماذا رأيت في أمريكا وكيف شاهدتها ؟

-طبعا هذا السؤال منهم لأن ما بينهم وبين أمريكا تنافسات. ونحن أيضا لا بد أن نتنافس في الخيرات بذاك أمر القرآن.  يجب أن نحصل على الأولية دوما -

سألوه كيف رأيت ؟ هل أمريكا أفضل أم نحن؟

قال: أمريكا أفضل

قالوا هي أفضل لأنها تعتمد على الحاسوب أكثر منا يعني.

قال لا .

انظروا بماذا أجاب

قالوا هي أفضل لأن إقتصادهم اقوى منا أو لكثرة المعامل أو أو أو ......

قال لا ليس من هذه النواحي.  بل عندهم عادة أن الناس هناك يجتمعون في الأسبوع على الأقل ٣ مرات ليحلوا مشاكلهم الاجتماعية. ويعملوا بعض النشاطات العلمية والثقافية.

زاد وقال : لا يتحركون لوحدهم بل مع بعض. لا يفضلون أعمالهم الشخصية ولا يجلسون في بيوتهم وحداناً، بل هناك عند كل شخص اجتماعات أسبوعية ، ٣ مرات في الأسبوع اما نحن عندنا مرتان في الأسبوع فقط . لذا هم سبقونا .

إن هذه القصة أثرت فيّ جداً

لأني لم أكن أتصور بأن المجتمعات توزن قيمها على حسب اجتماعاتهم الأسبوعية لمصالح مجتمعهم.

حقا إنه شيء مهم جداً.  يجب أن نضعه نصب أعيننا. 

والآن يوجد بيننا أخوة أتو من أستراليا وانا زرتها أيضاً وزرت ألمانيا وإنجلترا وأمريكا أيضاً.

عندهم عادة انت عندما تدخل إلى أي مدينة من مدن هذه الدول تشاهد لوحات منصوبةً على الطرق مكتوب عليها كل اسماء الجمعيات والغرف مع مختلف أهدافها في هذه المدينة.

ترى فيها :

جمعية الباحثين

جمعية المفكرين

جمعية محبي الحيوانات

جمعية كرة الجلف

معبد الماسونية ؟

لاحظوا لم يكتبوا جمعية كتبوا معبد!

انك تجد اسماء وعناوين كل الجمعيات

أن الشخص قبل أن يدخل البلد يعرف من يوجد فيها وما يناسبها.

تجد هذه الألواح في كل مدن ونواحي أوربا وأمريكا...

أعجبني هذا جدا.

عندما سافرت إلى أمريكا رأيت بأن الإنسان هناك لم يترك ولم يهمل بل كل واحد عنده وظيفة بما يناسب حاله.  رأيت عجوزة كبيرة جدا منحنية الظهر بكل معنى الكلمة بحيث يفقد عقلها في بعض الأحيان كانت تأتي إلينا وتعلِّم اللغة .

حتى أنها هي الموظفة التي كانت تعلم المسافرين اللغة في أمريكا مجاناً وكانوا يجتمعون في أيام محددة في الأسبوع. رأيتهم يعملون أعمالاً ذات قيمة وفائدة .

منها أنهم لم يتركوا العجوز والعجوزة في المجتمع لوحدهم. ومنها أنهم يتعلمون ثقافات جديدة ويحملونها ويضمونها إلى ثقافاتهم.  هذا شيء رائع                       

نعم لم ينسوا العجوز والشباب وغيرهم وظفوهم في أعمال مفيدة يرجع فائدتها إليهم. 

من هنا فهمت تقصيرنا في هذه الناحية وبدأت التأمل فيها.

*كتبت مقالة في الجريدة وقلت:

"إن الجمعيات والأوقاف في المجتمع الإنساني هي إحدى وسائل الإنتاج كالمعامل  ...

هذه المعامل كلما كثرت تزداد النتائج والقيم الأخلاقية والبشرية.  وإلا لا تتقدم ولا تفلح."

عندما كنا في أستراليا في أثناء سفرنا في الطرقات تجد حدائق جميلة جدا ومرتبة. تجد أماكن للاستراحة والأكل وكنا تتوضأ ونؤذن ونصلي ولم يؤذنا أحد والحمد الله.

إذا كل هذه الأقوال ترشدنا بأن منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم له قيمة عظيمة  منهج تعليمي يناسب كل واحد من أفراد الأمة. يتعلمون دينهم وهم في المجتمع بين الناس لم يتركوا وظائفهم.  نعم من أفضل الصدقات ما يعلمه الإنسان لأخيه من أبواب العلم والخير.

وأيضا وجود عالم من بين القوم أشد على الشيطان وأعظم. لأن ذلك يكسر ظهره. وهذا الأمر جدير بالتأمل وغاية في الأهمية.

إنما نحن السابقون الأولون في هذا الأمر حتى سبقنا الغرب وأمريكا .لماذا؟

نحن لا نجتمع في الأسبوع ثلاثة أيام بل نجتمع في كل يوم مساء ، ها نحن في الإجتماع الآن وهذا مكان اجتماعنا. وكل وقت يصلح لنا.

بل عندنا اجتماع في كل يوم ٥ مرات . ليتنا نعرف قيمتها ونغتنم هذه الفرص وقتئذ سترون كيف يفتح الله علينا أبواب الخيرات.

عندما سافرت إلى السعودية وجدنا فرصة للتعرف إلى بعض علمائها.  كذلك لتفت نظري لأمر - نحن في تركيا عندنا دروس معتادة في كل يوم أحد في مسجد اسكندار باشا وكنت وأعظ الناس. لكني رأيت هناك - بأن العلماء في كل يوم عندهم دروس مسائية معتادة. 

قيل لنا هناك عالم من أولاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه السلام من أهل التقى و الصلاح  زرناه في بيته وتعرفنا عليه ، رأينا في مقابل بيته مسجدا هو بناه مساحته ١٠ أضعاف مسجدنا هذا.

أيضا كذلك بيته واسع ومفتوحة أبوابه للناس جميعا ، استضافنا وأكرمنا في بيته. واحترمونا جدا وأجلسونا في صدر المجلس وعرفونا لمن عندهم من ضيوف آخرين.

كان في المجلس بعض الدكاترة من علماء باكستان حتى من إنكلترا، وقرؤوا ٣ دروس في المجلس، كتاب تفسير وكتاب حديث وكتاب فقه ، حتى أعطونا فرصة وسُئلت عن بعض الكلمات ، قالوا لي أنتم أتراك تجيدون لغتكم واللغة العربية والفارسية وأنا شرحت لهم بعض الكلمات.

حقا أبهرني وأعجبني هذا الأسلوب مداومون في كل يوم على طلب العلم ويتابعون كتب العلوم الشرعية باباً باباً. لا شك ينتهي الكتب إذا كان الدرس مستمراً. وتزداد العلوم والمعارف.

وذكرني هذا بأبي، كان أبي يداوم على دروس شيخه كل يوم مع صديقه وهو أبو هذا الأخ. وكانوا يتدارسون في كل يوم آية من الآيات وحديثاً من الأحاديث  هكذا يزداد العلم.

إذا ما هي نتائج هذين الحديثين الشريفين ؟ وهي عنوان وعظنا هذا :حقا إن العالم الواحد يخرج من بين القوم ويكسر ظهر الشيطان.

ماذا نستنتج من هذا ؟ نستنتج أن علينا أن  نربي أولادنا ونحضرهم إلى مجالس العلم والعلماء حتى يصيروا علماء قومهم. نقول لأولادنا :

يا بني إنه لم يصلح لي أن أتعلم. تعلم انت وانا أساندك أمشي معك أنت فقط تعلم أشتري لك سيارة جيدة. أغذيك بحليب الطيور ! - وإن لم يكن للطيور حليب - أغذيك بالعسل والقشطة، أنا أعرف آباءً هكذا يقولون لأبنائهم :  لا أريد منك أي شيء الا أن تتعلم أنا حرمت من التعلم انت لا تحرمها على نفسك. يا ابني حقق أملي هذا .

نعم إن خرج عالم من قومه إن الشيطان لا يقدر على أن يخدع رجلا من قومه. لماذا ؟

لأنه تسلح بآيات الله وأحاديث رسوله يقرؤها عليهم ويدعوهم إلى الله.

علينا أن نعطي الفرص لأبنائنا حتى يتعلموا ويكونوا علماء قومهم وبلدتهم وقريتهم.

إن إخواننا المسلمين اليوم في سن الأربعين أو ستين أو سبعين لا يعرفون العربية ولا يفهمونها وهو يصلون ويناجون ربهم ويقرؤون الآيات من كتابه ويقولون : الله أكبر ويا حسرتا!  كيف لا يفهمون ما يقول امام ربهم وكيف لا يفهمون ما يقول لهم ربه !

حقا شيء لا يليق بالمسلم.

نسأله ما قلت لربك وماذا قال لك ربك ؟

يجاوب ويقول لا أعلم لكني أحفظ بعض السور من صغري عندما أرسلني أهلي إلى الشيخ حتى تعلمتها.  !

لا يجوز هذا الكلام ولا يناسب حال المسلم أبداً.

لم نقل لم تجز صلاتك ولا تكسب الحسنات.  لا ، ولكن نقول إن هذا لا يليق بك يا أخي المسلم .

نحن علينا أن نفعل الأحسن والأفضل في كل ما يتعلق بديننا.

انك تقف بين يدي ربك وتقول الله أكبر يجب أن تشعر أنك في حضرة رب العالمين.

مرة كنت في مصر وكنت في المسجد وكان الإمام رجلا كبير السن وقال لمن خلفه:

صفوا الصفوف، توجهوا إلى القبلة ولا تدعوا الفرجات وإنها من تمام الصلاة.

وقال الذي جنبي : بصوت عالي ، وجهوا قلوبكم إلى الله كما وجهتم وجوهكم إلى القبلة.

فعلا اقشعر بدني.

الله أكبر... وتقف بين يديه نعم انك لم تره لكن الله يراك لا شك.

ما معنى الله أكبر ؟ وكثيرون لا يعرفون ما معناه!

لما نرفع ايدينا حذاء الأذنين!؟

وما علاقة هذا بهذا ؟

أم ليس لهذا علاقة بهذا .

عرفت هذا المعنى من خلال تجاربي مع الناس

نحن عندما كنا في المسجد الحرام وفي أثناء الطواف لم نستطع الاقتراب إلى الحجر الاسود هل تعرفون ماذا كنا نفعل

كنا نسلم على الحجر من بعيد ونقول ثلالث مرات بسم الله الله أكبر ونطوف ونحن نكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه السلام.

هذا هو التسليم ...

هذا هو الدخول في حضرة الله تعالى

نعم عندما تدخل في الحضرة تقول الله أكبر ولا تدخلها الا بهذا . هذه الكلمة مفتاح الدخول وبداية كل العبادات.

هذا مهم جدا.  وتركع بعد ذلك.

لقد أخبرنا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " أن من  وقف بين يدي الله وقال الله أكبر تفتح له أبواب السماء وتصف يمينه وشماله الملائكة والحور العين وبهذا يدخل الإنسان إلى رحمة الله. "

إن هذه الالفاظ ربما يصعب استيعابها لأنها من الألفاظ المتشابهة.

نقولها بلا تشبيه ولأنه ورد في الأحاديث.

وقال في الحديث الآخر

" أن من قبل الحجر فإنه عاهد ربه"

هذه المعاني مهمة ويجب التامل فيها.

عندما تسجد بين يدي الرحمن حقاً تشعر بلذة لا توصف. شيءٌ عظيم

لذلك عليك بفهم اللغة العربية وتعلم القران والأحاديث.  وعليك ان تعلم أمور دينك فهماً وتعقلاً.

عليك أن تعرف  الحلال من الحرام .

لعلكم تقولون: نحن لم نجد أو لم يكن بيننا من يعلمنا اللغة العربية يا سيدي !

اقول لكم: أنكم تعرفون فريق كرة القدم مثلا " " فنربهجا " ماذا تفعل حتى تنجح تأتي بمدرب رياضي من البرازيل  ليدربهم أليس صحيحاً!؟

 كذلك انت أيها المسلم

إيت بمدربك ليدربك أمور دينك إيت بعالم يرشدك طرق العبودية لربك. 

تفضلوا كل يوم مساء تعالوا الى المسجد عندكم الواح السود تكتبوا عليها في كل يوم آية وحديثا وتعلموا كما تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه السلام.  إن هذا الأمر يحتاج إلى الجِدِّ والثبات لأن العلم لا يتعلم بآن واحد.  القرآن كتاب كبير . تحتاج إلى وقت طويل .*

لو نوينا فهم القرآن والسنة بشكل بسيط نحتاج إلى ثلاث سنين على الأقل، لأن فهم القرآن ليس أمراً سهلا.

يا ترى كيف تعلم وكيف فهم هؤلاء العلماء؟

كل يوم تعلموا " عشر "

ما معنى العشر ؟

عشر ؛ يساوي ١٠ آيات.

عشر ؛ مجموع الآيات التي بينها علاقة من حيث المعنى. ويشار إلى بداية القصة ونهايتها بحرف 'ع'

لو قيل للقارئ : اقرأ لنا عشر من القرآن عليه إن يقرأ مراعاة لحرف ع . حتى يتكامل المعاني.

إذا رجعتم إلى بيوتكم افتحوا المصاحف و انظروا تجدون في نهاية كل آية وردة وإن رأيتم حرف ع معناها هنا نهاية القصة وآخرها ويقال لها عشر  .

نعم كانوا يتعلمون القرآن عشرا عشرا.

لعلكم تتحدثون في أنفسكم: هذا أمر سهل .

نعم الأمر سهل إذا دمت عليه كل يوم هذا أمر جيد.

انظروا حولكم العالم يقرأ الجرائد ويختمون الروايات والقصص ،أما نحن ماذا نقرأ لا شي .

وفي مدارسنا ماذا فعلوا

يقول أستاذ مادة الأدب ، اقرؤوا هذه القصة ولخصوها...!

هداك الله ، ماذا يفيدنا هذا ...

درسونا كتابات عالم الأدب الروسي والفرنسي والانكليزي... علمونا كل شيء ما عدا الدين.  حتى روايات وقصص اليونان.

قالوا ؛ هناك حبل ألمبوس فيها رجل يسمى زؤوس هو الذي يفعل الصواعق والبرق في السماء ووو.  انا كيف اعرف هذه الأشياء لأنهم علمونا إياه.

وهناك أيضا صنمهم يعبدونها بسم ونوس والآخر بكوس...أحدهم اله الخمر والآخر اله العشق...!

يا رجل ما علاقتي معهم ماذا يهمني هذه القصص بالله عليك...

انا لا يهمني ما يشركون وما يكفرون...لم لا تعلمني الإيمان وطريق الإيمان! لله رد مولانا عندما قال:

" تعلم الإيمان كما تتعلم كفر اليونان ،لا العكس منعوا الإيمان والقرآن والمدارس الشرعية .حتى لا يبقى الإيمان وأهل الإيمان...

لو قلنا : نريد أن نتعلم المنهج اليوناني وما يتعلق بهم هل ممكن ذلك ؟

الجواب : طبعا هذا شيء محبوب ومرغوب ونحن معك...

قصص لا نهاية لها ...

يا أخي أنا ماذا يهمني من هذه القصص كلها!

ماذا أستفيد ديناً ودنيوياً... لا شيء .

لمَ تعلمني فلسفات فرنسا!

نعم انا الآن أعرف كيف لبسوا الحق بالباطل وماذا أرادوا. لكن بعد ماذا ، بعد مدة طويلة جدا من خلال المطالعات والمباحث...قضيت عمري حتى صرت برفوسور طيب ماذا استفدت لا شيء .

العالم يظن أن هؤلاء من الكبار ! ليس كذلك هم ليسوا رجالا يقتدى بهم أبدا... لا خير فيهم بأي وجه من الوجوه.

ما العلم إذا ؟ ماذا نفعل وكيف الأمر ؟

يا أخي كما قلنا سابقا لا يشترط للتعليم سن محدد في الإسلام ،الإسلام دين له نظام يجمعنا كل يوم ٥ مرات إن كنا مسلمين مخلصين يجمعنا صباحا ومساء.

إذا نبدأ عشرا عشرا ، مقطعا مقطعا لتعليم القرآن الكريم بالجد والثبات . في لغة اليونان غِراف بمعنى الكتابة ونحن نسميها عشر بلغة القرآن لا غير .

هكذا تعلموها شيئا فشيئا . وانا ايضا أثق بنفسي وأعاهد وأبدأ كل يوم صفحة هل كثير لا أبدا.  أتعلمها بكل سهولة كما آكل الطعام واشرب الماء. جدا إنها أمر سهل.

نعم أتعلم وآتي إلى بيتي وأعلم أولادي وزوجتي.  اقول لها تعالي نتدارس لا أريد منكِ اي خدمة اريد فقط أن أعلمك ما تعلمته . اجلسي امامي انت والأولاد.  في النهار اعملي ما شئت من أعمال بيتك هذا شأنك انت. لكن إن أتيت البيت مساء تتركي كل عملك وتجلسي معي... وتكون بيوتنا مجالس للعلم والذكر.

وهكذا نتعلم القرآن وأحاديث نبينا صلى الله عليه السلام شيئا فشيئا رويدا رويدا ونعلمها لازواجنا لأولادنا.

إن أفضل الأعمال وأشدها على الشيطان طلب العلم.

ومن الشيطان ؟

الشيطان هو من يخرجنا عن طريق المستقيم

الذي يجلس على طريق يوصلنا الى الله تعالى ليقطعه.

الذي يهدم قطارنا الماشي في الصراط المستقيم

يهلكنا في الآخرة ويضلنا حتى ندخل النار

هو الذي يحاول دائما إغوائنا وتضليلنا.

طالما يكسر ظهره عالم مخلص إذا علينا أن نربي أولادنا ونحضرهم في مجالس العلم والذكر حتى يصيروا علماء قومهم وبلدتهم وقريتهم.

والله أسأل أن يرشدكم خيري الدنيا والآخرة ،ويجعلكم من أهل السعداء في الدنيا والآخرة ويكرمكم بشرف نيل جنته ورؤية جماله ، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم.

سبحان ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آل كل أجمعين والحمد لله رب العالمين.


*من محاضرة للبروفيسور الدكتور محمود أسعد جوشان في مدينة Osnabrück بألمانيا بتاريخ ٢٤/٠٣/١٩٩٧.

مقالة “فضل العلم” البروفسور محمود أسعد جوشان