الفلسفة هي التفكير في شيءٍ ما تفكيرًا عميقا

البروفسور محمود أسعد جوشان رحمه الله

كيف يكون الأوائل في العالم أوائلا؟

يكونون أوائلا من خلال العمل الطويل. والتفكير أيضا يلزمه العمل.

انظروا، عندما تعطون موضوعا ما لشخصٍ تلقى تربيةً على التفكير فإنه سيعطيكم أجوبة جميلة جدا. لدينا اخوة نحبّهم في قسم الفلسفة بكُلّيتنا نسأل الله أن يسلّمهم. أحدهم إنسانٌ تعلم الفلسفة وكان قادراً على التفكير بشكل جميل جدا. قام هذا الأخ بمداخلةٍ حول موضوعٍ ما. وكان هناك بروفسور مؤرخ مرحوم سبق له أن شغل وظيفة عميد كلية في مكانٍ ما، قال هذا البروفسور: "علينا أن نتعلم نحن أيضا هذه الفلسفة. انظروا كم هو جميل تفكيره وكم هو جميل كلامه، كم هي معقولة ومؤدّبة الأشياء التي يقولها"

إن ذلك نوع من التعليم.

عندنا يُظهرون الفلسفة وكأنها مخالفة للدين، ربما لأنها تُعلَّم من قبل أناسٍ لا يعرفون الدين ولا يعرفون الإسلام. في حين أن الفلسفة تعني "التفكير في شيء ما تفكيراً عميقا والبحث في تفسيره بشكل جيد". ولكلّ شيء فلسفة، حيث يمكن التفكير فيه وفي أسبابه بشكل عميق. التفكير ثوابه كبير، والتدبّر له ثواب، واستخدام العقل له ثواب. فالعقل نعمة عظيمة. يجب الاعتياد على هذا. علينا الاعتياد عليه وتعويد أطفالنا عليه.

لماذا يحصل هذا؟

إن الفلسفة والتفكير لا يُدَرّسان عندنا بشكل صحيح، لذلك تُختزل أفكار كثير من الناس في: "أرسطو قال كذا... أفلاطون قال كذا..."

الرجل لا يفهم، وحتى إن فهم فإنه يقول:

"يا الله! ما هذا الهراء! يا الله! ومع هذا يسمونه فيلسوفا كبيرا. انظر إلى هذا الكلام! يا له من كلام بدائي في القرن العشرين!"

طبعا ذلك الكلام يعود إلى قبل الميلاد. حينها كان ذلك هو مستوى عقل البشر! وبعد مرور شيء من الزمن يظهر خطأ ذلك الكلام كما تظهر رائحة العفن في اللحم أو الحليب.

المعلومات الصادرة عن المصدر الإلهي لا تتقادم، فهي تتجاوز الأزمان بشكل تاريخي وكوني. وهي تؤثر دائماً وتُظهر أحقّيّتها دائماً. وتبقى دائما تتلألأ نضرة. بسبب الحديث عن هذا، وبسبب كثرة السماع لتفسيرات الحياة التي تتعارض مع الدين والتي يصدرها بعض من لا دين لهم ولا إيمان، كثيرا ما يُنظَر للفلسفة على أنها "لا دين" أو "تاريخ اللّادين".

في حين أن الأمر ليس كذلك!

فالإسلام يحب التدبّر، والقرآن الكريم يدعو إلى التدبر. علينا أن نكون أهل تدبر وأن نعتاد على ذلك.